منذ الثالث من يوليو/تموز 2013 أحيلت أوراق 2081 مصرياً إلى مفتي الجمهورية لإعدامهم
تثبيت أحكام الإعدام بحق 986 متهماً بينهم 121 مدنياً حوكموا أمام محاكم عسكرية
27 مواطنا تم إعدامهم
30 معارضاً يواجهون خطر تنفيذ عقوبة الإعدام في أي وقت بعد استنفاد كافة الطرق القانونية
أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا صباح اليوم تقريراً موجزاً حول أحكام الإعدام في مصر على خلفية قضايا معارضة السلطات، عقب أحداث الثالث من يوليو/تموز 2013 وحتى الآن.
وقال التقرير، أن النظام المصري شن حملة قمع مكثفة بحق المعارضين تمثلت في اعتقال عشرات الآلاف منهم والزج بهم في السجون بعد توجيه اتهامات جنائية لهم، لتتبع تلك الاعتقالات سلسلة محاكمات جماعية تفتقر إلى أدنى معايير العدالة الجنائية، لتصدر بحق المئات منهم أحكاما قاسية وصلت إلى الإعدام.
وذكر التقرير أنه في أعقاب تلك الفترة، أحال القضاء المصري المدني والعسكري أوراق 2081 إلى المفتي وهي خطوة إلزامية سابقة على الحكم بالإعدام بحسب نصوص القانون المصري، ليتم تثبيت حكم الإعدام على 986 منهم في 73 قضية مختلفة متعلقة بمعارضة المتهمين على ذمتها للسلطات إلا أن جهات التحقيق ألبستها لبوساً جنائياً لاتقاء الانتقاد الدولي.
وأشار التقرير إلى أنه بين تلك الأحكام فقد استنفد 57 متهما منهم درجات الطعن على تلك الأحكام لتصير الأحكام نهائية صالحة للتنفيذ بحقهم في أي وقت، وقد قامت السلطات المصرية بتنفيذ حكم الإعدام بحق 27 متهمين منهم بالفعل.
وأوضح التقرير أن كافة أحكام الإعدام المذكورة بُنيت على أدلة هزيلة وباطلة قانوناً وهي اعترافات قال المتهمون لاحقاً أمام المحكمة والنيابة أنها انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب، إلا أن النيابة العامة لم تفتح تحقيقا في أي من تلك الشكاوى، وتجاهلتها المحاكم التي تعاقبت على نظر تلك القضايا ورفضت التصدي لبحث جرائم التعذيب المُرتكبة بحق المعتقلين واعتبرت مع ذلك أن اعترافاتهم سليمة.
وأضاف التقرير أن الدليل الآخر التي بنيت عليه أحكام الإعدام هو التحريات الأمنية وهي تحريات سرية مجهلة يقوم بها جهاز الأمن الوطني يأتي فيها أن الواقعة الموجهة إلى المتهم صحيحة دون أن تضيف تلك التحريات أي جديد على أقوال الضباط الذين قاموا بالقبض على المتهمين ودون أن تحتوي أي دليل مادي يدين أي من المتهمين، وفي المقابل تم تجاهل الأدلة الواضحة التي قدمها محامو المتهمين تفيد ببراءة ذمتهم من ارتكاب التهم المنسوبة إليهم، كما تم تجاهل التحقيق في تزوير المحاضر المحررة بحقهم من قبل الجهات الأمنية وكذلك جرائم تعريضهم للاختفاء القسري والتعذيب.
وبين التقرير أن كثيراً ممن حكموا بالإعدام أدينوا قبل بدء أي محاكمات حيث جرى تصويرهم وهم في حالة يرثى لها وآثار التعذيب بادية عليهم بشكل واضح وهم يمثلون سيناريو إدانتهم أمام الكاميرات ومن ثم عرضت تلك التسجيلات على شاشات الفضائيات التابعة للنظام كمبرر لإنزال عقوبات قاسية عليهم بالإضافة إلى تداول قضاياهم إعلاميا بأسماء توحي بالإدانة فيتم تسميتهم باستخدام مصطلحات مشينة مثل الخلايا الإرهابية أو التخابر أو اقتحامات لأقسام شرطة أو تخريب للممتلكات العامة، وهي الأسماء التي يستخدمها القضاة أنفسهم في سياق حكمهم على أولئك الأشخاص.
وتحدث التقرير عن القوانين المصرية التي أقرها النظام المصري مؤخراً ليشرعن ممارساته الغير القانونية بحق المعارضين، والتي كان واضحاً أن تلك القوانين والقرارات كانت تستهدف بصورة أساسية المعارضة وتحفز عقوبة الإعدام، حيث أصدر الرئيس المصري قراراً بقانون رقم 136 لسنة 2014 بتاريخ 27/10/2014 بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، وقرر القانون أن المنشآت الحيوية ستأخذ حكم المنشآت العسكرية طوال فترة تأمينها وحمايتها بمشاركة القوات المسلحة ليُحال وفق هذا القانون آلاف المعتقلين إلى المحاكم العسكرية.
وفي أغسطس/ آب 2015 أصدرت الحكومة المصرية قانون الإرهاب، وحوي القانون بنودا كارثية تشرعن لأجهزة الأمن وجهات التحقيق والمحاكمة أن تتجاوز معايير المحاكمة العادلة وإهدار حقوق المتهمين كليا، فضلا عن التوسع في دائرة التجريم لتشمل كل من ينطق بكلمة ليست على هوى النظام المصري، كما يشرعن ممارسة الأمن للقتل وتعريض المعتقلين للاختفاء القسري مع تأمينهم تماما من المساءلة وضمان افلاتهم من العقاب.
وأشار التقرير أنه خلال الأربع سنوات الأخيرة أصدرت المحاكم العسكرية أحكاما بالإعدام بحق 121 شخصا، زاد من خطورة تلك الأحكام أن جميع القضايا التي عرضت منها على المحكمة العسكرية ذات الدرجة الأعلى -المحكمة العليا للطعون العسكرية- تم التصديق عليها بالكامل لتصير نهائية بحق 25 متهماً نُفذت العقوبة بحقهم جميعاً حتى الآن، ولم تكن المحاكمة العسكرية إلا وسيلة لإضفاء المشروعية على أوامر إدارية صادرة من هذا النظام لقمع المعارضين.
وعرض التقرير أبرز التفاصيل الخاصة بالقضايا التي صدرت فيها أحكام باتة بالإعدام في انتظار التنفيذ، حيث تم عرض تفاصيل القضية رقم 427 لسنة 2012 جنايات قسم المناخ والمقيدة برقم 11 لسنة 2012 كلي بور سعيد والمحكوم فيها بالإعدام حضورياً بحق 10 مواطنين، والقضية رقم 16850 لسنة 2014 جنايات المنصورة، والمحكوم فيها بالإعدام بحق 6 مواطنين، والقضية رقم 27868 لسنة 2014 جنايات المنتزه أول، والمحكوم فيها بالإعدام بحق مواطن واحد، والقضية رقم 20091 لسنة 2013 جنايات باب شرق والمحكوم فيها بالإعدام بحق مواطنين اثنين، والقضية رقم 10154 لسنة 2014 جنايات ثان أكتوبر، والمقيدة برقم 315 لسنة 2014 حصر أمن الدولة العليا، والمحكوم فيها بالإعدام بحق 3 مواطنين، القضية رقم 200 لسنة 2014 كلي المنصورة، والصادر فيها أحكاماً بالإعدام بحق 5 متهمين، منهم 3 حضورياً، والقضية رقم 938 لسنة 2014 جنايات كرداسة، والمحكوم فيها بالإعدام ضد 3 متهمين، والقضية رقم 382 لسنة 2014 عسكرية شمال سيناء، والمحكوم فيها بالإعدام ضد اثنين.
وحذر التقرير من أن الخطر يهدد حياة 30 شخصا بعد صيرورة أحكام الإعدام بحقهم نهائية واستنفادهم كافة طرق الطعن مع انسداد كافة مسارات العدالة في وجوههم.
وطالب التقرير الأمم المتحدة والمجتمع الدولي استخدام أدواتهم لوقف آلة القتل متعددة الأشكال التي يستخدمها النظام للقضاء على المعارضين إلا أن هذه الوسائل لا زالت معطلة بشكل متعمد مما مهد ويمهد للنظام المضي قدما في خياراته الدموية الأمر الذي ينطوي على نتائج كارثية.