يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى معاقبة الفلسطينيين جماعيًا من خلال تجويعهم، فيما تشهد غزة مستوى غير مسبوق من الجوع يمثل “إبادة جماعية”.
هذا ما جاء في تصريحات إعلامية لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، الذي حذر من تداعيات اجتياح بري إسرائيلي لمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وما سيترتب عليه من كارثة إنسانية.
وقال فخري إن ربع سكان غزة كانوا يعانون من الجوع في ذلك الوقت، وإن الجوع والمجاعة الخطيرة كانا يقتربان.
ولفت إلى أن بعض الدول قررت بعد تلك الفترة تعليق المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهي أهم وكالة مساعدات إنسانية في غزة.
وبين أن قوات الاحتلال ضغطت على مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، ضمن منطقة صغيرة في رفح؛ مما أدى إلى تفاقم الأزمة الغذائية.
وقال المقرر الأممي إنه لا يمكنه وصف مدى صعوبة الوضع اللاإنساني في قطاع غزة، “فقد كنا نقول من قبل إن المجاعة على الأبواب، الآن لا أستغرب إذا قلنا إن المجاعة ستكون شاملة بحلول نهاية هذا الشهر (فبراير/ شباط)”.
واعتبر أنه “لا أحد يعلم إلى متى يمكن لسكان غزة الصمود على هذا الوضع، فالمساعدات التي تصل إليهم غير كافية لإبقائهم على قيد الحياة”.
وحذر فخري من أن مشكلة الجوع تتمثل في كونه “موتًا بطيئًا ومؤلمًا، ويتواصل تأثيره لأشهر وسنوات بل وعقود قادمة”.
وتابع: “حتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار اليوم، فإن الجوع سيؤثر سلبا على مستقبل أكثر من مليون طفل يعيشون في غزة، 335 ألف طفل دون سن الخامسة من بين هؤلاء معرضون لخطر الإصابات الجسدية الدائمة (على المدى الطويل)، بما يشمل ضعف الإدراك”.
ومواصلا رسم الصورة المأسوية في قطاع غزة، قال فخري إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بينما يشارك المستوطنون الإسرائيليون أيضا في هذا المنع.
وحذر من أن “مستوى الجوع الحالي في غزة لم نشهده سابقًا، حيث لم نر من قبل شعبًا بأكمله يعاني من الجوع”، في إشارة إلى سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2.2 مليون شخص.
ولفت إلى أن معاناة سكان غزة لا تقتصر على منع الاحتلال وصول المساعدات الإنسانية، بل تُمارس أيضًا سياسات تهدف إلى تدمير النظام الغذائي للقطاع، مما يُعيق قدرة الفلسطينيين على إطعام أنفسهم.
وقال فخري إن استهداف المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك حرمانهم من الغذاء، هو جزء من سياسة إسرائيلية متعمدة تستهدف جميع الفلسطينيين، فالعديد من مسؤولي الاحتلال أدلوا مرارا وتكرارا بتصريحات تشي بذلك.
وأشار في هذا الصدد إلى تصريح لوزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن خلاله أنه أمر بفرض حصار شامل على قطاع غزة.
وآنذاك، نقلت القناة “13” العبرية عن غالانت قوله خلال اجتماع تقييم في القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي (تشمل غزة): “نفرض حصارا كاملا على مدينة غزة. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود. كل شيء مغلق. نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك”، وفق تعبيره.
واعتبر المقرر الأممي أن “تصريحات الجهات الرسمية والأفراد في إسرائيل تُشير إلى أن نيتهم هي التطهير العرقي، حيث يعتزمون طرد جميع المدنيين من غزة ومعاقبتهم بشكل جماعي”.
وشدد على أن “هذه الحرب لا تتعلق بالدفاع عن النفس أو هجمات حماس (على المستوطنات المحاذية لغزة) في 7 أكتوبر”، محذرا من أن هدف الاحتلال هو معاقبة جميع الفلسطينيين لمجرد كونهم فلسطينيين.
ووصف فخري هذه الممارسات بأنها تُشكل إبادة جماعية وفق القانون الدولي، وحقوق الإنسان، والمنظور الأخلاقي، حيث تُشير نوايا سلطات الاحتلال وأفعالها إلى ذلك بشكل واضح تمامًا.
وشدد المقرر الأممي على أهمية فرض العقوبات على الاحتلال الإسرائيلي من خلال الأمم المتحدة والنظام متعدد الأطراف، وضرورة الحد من توريد الأسلحة التي تستخدمها في انتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.
ومن 7 أكتوبر 2023؛ يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية، وكارثة إنسانية غير مسبوقة، جراء القصف المتواصل ومنع إمدادات الغذاء والماء والأدوية والكهرباء.
ويشكل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، حيث يعرّض حياة المدنيين وممتلكاتهم للخطر الشديد، ويسبب لهم معاناة جسيمة، مما يستوجب التدخل العاجل والحازم من المجتمع الدولي لإيقاف العدوان وحماية المدنيين في القطاع.