في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة؛ دعا برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى فتح مزيد من الطرق الآمنة لتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، محذرًا من أن ثلث سكان القطاع محرومون من الغذاء لأيام متتالية، وسط استمرار الحرب وما تخلّفه من دمار ومجاعة وترويع جماعي.
وأكد البرنامج في منشور على منصة “إكس” ضرورة تأمين مسارات المساعدات من أي تهديد أو تواجد للمسلحين، مشددًا على أهمية وقف دائم لإطلاق النار لضمان استمرارية عمليات الإغاثة، التي تُنفذ حاليًا بصعوبة بالغة نتيجة الانهيار الكامل للمنظومة الأمنية واللوجستية في القطاع المحاصر.
ويأتي هذا النداء في وقت تشهد فيه غزة حرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 20 شهرًا، حوّلت القطاع إلى منطقة منكوبة يُمنع عنها الغذاء والماء والدواء، بينما تُستهدف أحياؤها المكتظة بالقصف اليومي والتجويع المنهجي، في انتهاك صارخ لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني.
وتحوّل الوصول إلى الغذاء في غزة إلى معركة من أجل البقاء، إذ يُجبر المدنيون على المخاطرة بحياتهم من أجل الحصول على وجبة أو شربة ماء.
وتكاد تتلاشى أي مظاهر للحياة الكريمة في ظل سياسة العقاب الجماعي التي يعتمدها الاحتلال، بدءًا من الحصار الطويل، مرورًا بمنع إدخال المساعدات، وصولًا إلى تدمير شبكات الكهرباء والمياه ومنشآت التخزين والتوزيع.
ولا تقتصر الكارثة على الجوع فحسب، بل تتجاوزها إلى تدمير منهجي للبنى التحتية، واستهداف واسع للمرافق الحيوية، ما يجعل من غزة مسرحًا مستمرًا لانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ورغم ذلك؛ يواصل برنامج الأغذية العالمي جهوده لتقديم مساعدات غذائية منقذة للحياة، متحديًا المخاطر والقيود، ومؤكدًا على أن الاستجابة الإنسانية وحدها لا تكفي ما لم يتوقف العدوان ويتم تأمين ممرات إنسانية حقيقية ودائمة.
ولا يمكن فصل ما يجري في غزة عن سياق أطول من السياسات الاستعمارية والإقصائية، حيث يُعامل سكان القطاع، البالغ عددهم أكثر من مليوني إنسان، كجسم معادٍ لا كضحايا نزاع.
وتكشف المعاناة المستمرة عن فشل عالمي في حماية المدنيين، وعن انهيار فعلي للمنظومة الأخلاقية والقانونية التي يُفترض أن تحكم العلاقات بين الدول في زمن الحرب.
وفي ضوء هذه المعطيات؛ فإن مطالب برنامج الأغذية العالمي ليست مجرد دعوات إغاثية، بل هي نداء استغاثة في مواجهة نظام قمعي يستخدم التجويع كأداة من أدوات الحرب، ويواصل قتل المدنيين وتهجيرهم وتدمير حياتهم، في ظل صمت دولي يرقى إلى التواطؤ.