يواجه قطاع غزة كارثة صحية وبيئية غير مسبوقة، في ظل تواصل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال منذ أكثر من تسعة أشهر، حيث تتفاقم الأوضاع المعيشية داخل الملاجئ المكتظة، وسط انعدام الماء النظيف، ونقص حاد في مستلزمات النظافة، وانهيار النظام الصحي بشكل شبه كامل.
وفي هذا السياق؛ حذّرت وكالة “الأونروا” من عواقب صحية وخيمة تهدد السكان المحاصرين، وخاصة الأطفال، الذين لم يعودوا قادرين على الاستحمام بانتظام بسبب غياب الصابون والماء الصالح للاستخدام البشري، وهو ما يهيئ بيئة خصبة لتفشي الأمراض الجلدية والتنفسية والمعوية، خصوصاً مع حرارة الصيف الشديدة واكتظاظ أماكن الإيواء.
ويأتي ذلك في وقت يُمنع فيه دخول مواد الإغاثة والمستلزمات الطبية، منذ أن أغلق الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى القطاع في مارس/آذار الماضي.
وتزيد أزمة الوقود من تعقيد الوضع، إذ تهدد بتوقف ما تبقى من المستشفيات والمراكز الصحية، في ظل استهداف مباشر وممنهج للبنية التحتية الصحية عبر القصف والتجويع، ما يرقى إلى سياسة إبادة مكتملة الأركان.
وتحولت الملاجئ التي كان يُفترض أن توفر الحد الأدنى من الحماية، إلى أماكن غير صالحة للحياة، حيث تعيش آلاف العائلات في ظروف لا إنسانية، دون تهوية مناسبة أو كهرباء أو مياه شرب، ومع تكدس النفايات؛ بدأت حالات العدوى تنتشر، ما يُنذر بكارثة صحية واسعة النطاق.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشنّ الاحتلال حرب إبادة على سكان غزة، أدت حتى الآن إلى مقتل وإصابة أكثر من 195 ألف فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء، وخلّفت أكثر من 10 آلاف مفقود تحت الأنقاض أو في ظروف مجهولة. كما يعيش مئات الآلاف نازحين داخل القطاع في ظل مجاعة آخذة بالاتساع، أودت بحياة العديد من المدنيين، بينهم عشرات الأطفال، نتيجة الجوع أو غياب الرعاية الطبية.
إن ما يجري في غزة ليس فقط انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، بل يمثل تحدياً صارخاً لكل المبادئ الأخلاقية والحقوقية التي تدّعيها القوى الكبرى. فالحصار الشامل، والتجويع المتعمد، واستهداف المدنيين والمرافق الصحية، كلها مؤشرات واضحة على نية الإبادة، التي لم تعد بحاجة إلى إثبات بقدر ما تحتاج إلى موقف إنساني عاجل لوقفها وإنهائها.