وسط حرب إبادة جماعية متواصلة تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يعيش أكثر من مليوني نسمة في كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث تتقاطع أدوات القتل المباشر بالقصف والتجويع والحرمان الكامل من الرعاية الطبية والإنسانية، في مشهد لا يمكن وصفه إلا بأنه جريمة مستمرة ضد الإنسانية، تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم.
وفي هذا السياق، حذّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الأحد، من أن استمرار الاحتلال في منع دخول المساعدات الإنسانية والطبية والتجارية إلى غزة منذ أكثر من تسعة أسابيع، يؤدي إلى “تفاقم الضرر غير القابل للإصلاح على حياة عدد لا يُحصى من الفلسطينيين”.
وأكدت الوكالة في منشور عبر منصة “إكس” أن لديها آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات الجاهزة للدخول، كما أن فرقها داخل القطاع مستعدة لتوسيع عمليات الإغاثة فور فتح المعابر، إلا أن الاحتلال يواصل الإغلاق الكامل منذ 2 مارس/آذار، ما يحرم سكان القطاع من احتياجاتهم الأساسية في ظل دمار واسع النطاق ونقص حاد في الغذاء والدواء.
ويأتي تحذير الأونروا بينما تتفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية بشكل مأساوي، إذ أعلنت وزارة الصحة في غزة عن وفاة 57 طفلًا حتى الآن نتيجة سوء التغذية الحاد ونقص الحليب العلاجي، خاصة بين الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما يشير إلى استخدام التجويع كسلاح ممنهج في هذه الحرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
ومنذ مطلع مارس، ومع تنصل الاحتلال من المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان قد بدأ في يناير، تم منع إدخال جميع أنواع المساعدات إلى القطاع، ما فاقم الكارثة الإنسانية.
ويعيش سكان غزة، الذين يبلغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة، في ظروف قهرية دفعت البنك الدولي لوصفهم بأنهم باتوا “فقراء بشكل شبه كامل” نتيجة الحصار والدمار وفقدان مصادر الدخل والخدمات الأساسية.
وفي ظل كل ذلك، تستمر حرب الإبادة المدعومة سياسيًا وعسكريًا من الولايات المتحدة، مخلفة حتى الآن أكثر من 172 ألف قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض أو في المجهول، بينما تتجاهل قوات الاحتلال النداءات الدولية المتكررة لوقف العدوان، وترفض تنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية، مما يعكس واقعًا عالميًا يفرّغ القانون الدولي من محتواه أمام إرادة القوة.