وقع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 6 فبراير 2025، أمراً تنفيذياً يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بعد إصدارها في نوفمبر 2024 أوامر اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يؤاف غالانت.
واعتبر ترامب في بيان أصدره، أن المحكمة الجنائية الدولية استهدفت الولايات المتحدة وحلفاءها مثل “إسرائيل” بشكل “غير شرعي” و”لا أساس له”.
وأضاف أن المحكمة “أساءت استخدام سلطتها” بإصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة و”إسرائيل” ليستا طرفين في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة، مما يجعلها غير ملزمة بالقرارات الصادرة عنها.
وأكد ترامب في بيانه أن العقوبات التي سيتم فرضها تشمل منع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية من الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة، وكذلك منعهم من إجراء معاملات مالية مع الكيانات الأمريكية.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت في نوفمبر 2024 بعد تحقيقاتها في الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وهي تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين في القطاع.
ويأتي هذا التصعيد الأمريكي في سياق الضغوط المستمرة على المحكمة الجنائية الدولية لمنعها من ممارسة ولايتها في التحقيق بجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي.
وتتزامن هذه الإجراءات مع سياق أوسع من الجهود القانونية الدولية لمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين على خلفية العدوان على غزة، والذي استمر من 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى 19 يناير 2025، وأسفر عن أكثر من 159 ألف قتيل وجريح فلسطيني، بينهم آلاف الأطفال والنساء، فضلًا عن تدمير واسع للبنية التحتية وتهجير مئات الآلاف.
ويمثل قرار ترامب بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية محاولة جديدة لتقويض منظومة العدالة الدولية، وإرسال رسالة مفادها أن قادة الاحتلال الإسرائيلي فوق القانون الدولي، ما يعزز سياسة الإفلات من العقاب.
كما يكشف القرار عن ازدواجية المعايير الأمريكية في التعامل مع الجرائم الدولية، إذ تدعم واشنطن ملاحقة مسؤولين من دول أخرى، لكنها تستخدم نفوذها لحماية الاحتلال الإسرائيلي من أي مساءلة قانونية.
وفي ظل هذه الضغوط؛ يبقى التحدي الأهم هو مدى قدرة المحكمة والمجتمع الدولي على الصمود في وجه الابتزاز السياسي، والمضي قدماً في تحقيق العدالة لضحايا الجرائم في غزة.