في خضم الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، تتواصل الانتهاكات الجسيمة ضد الكوادر الطبية، والتي تمثل أحد الأعمدة الحيوية في الاستجابة الإنسانية لحالات الطوارئ.
فقد كشفت مصادر طبية أن 360 من أفراد الطواقم الصحية، بينهم أطباء متخصصون، قد تعرضوا للاعتقال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، في انتهاك صارخ لأبسط المبادئ الإنسانية والمواثيق الدولية التي تحمي العاملين في القطاع الطبي زمن النزاعات.
ويُعد استهداف الكوادر الطبية أحد أخطر أشكال الانتهاكات، لما يمثله من تهديد مباشر للحق في الحياة والصحة، ليس فقط للعاملين أنفسهم، بل ولآلاف المرضى والجرحى الذين يُحرمون من خدمات حيوية بسبب تغييب تلك الكفاءات خلف القضبان.
وبحسب شهادات نقلتها الجهات القانونية المعنية بالدفاع عن المعتقلين؛ فإن الأسرى من الطواقم الطبية يعانون ظروفاً قاسية، تتضمن الحرمان من العلاج وسوء المعاملة، بل والتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي خلال فترات التحقيق.
وتبرز حالة الدكتور حسام أبو صفية، المعتقل منذ 27 ديسمبر الماضي، كمثال صارخ على استهداف الطواقم الطبية، إذ أكدت محاميته أنه يتعرض للضرب المستمر وحُرم من الرعاية الصحية رغم حالته المتدهورة.
وتشكل هذه الانتهاكات انتكاسة خطيرة لروح القانون الدولي الإنساني، الذي ينص بوضوح على حماية العاملين في القطاع الصحي وعدم المساس بهم أو إعاقتهم عن أداء دورهم الإنساني. كما تبرز خطورة الانزلاق إلى ممارسات تشبه العقاب الجماعي، والتي تُصنف كجرائم حرب وفق اتفاقيات جنيف.
وفي ظل تدهور الأوضاع الصحية في القطاع، وارتفاع أعداد الجرحى والمصابين؛ فإن الإفراج الفوري عن الكوادر الطبية المعتقلة وتوفير الحماية اللازمة لهم أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل.
إن استمرار الصمت الدولي تجاه هذه الانتهاكات، وعدم فتح تحقيقات مستقلة وشفافة بشأن مصير المعتقلين من الطواقم الطبية، يمثل تقاعساً عن أداء الواجبات الأخلاقية والقانونية المفروضة على المجتمع الدولي.