تتواصل الانتهاكات الممنهجة التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وسط تصاعد لافت في الهجمات التي تستهدف السكان الأصليين وأراضيهم ومصادر رزقهم، في إطار سياسة تهدف إلى تهجيرهم قسراً وفرض واقع استيطاني جديد بالقوة.
وفي الأغوار الشمالية؛ أقدم مستوطنون على احتجاز قطيع أبقار تعود ملكيته للمواطن رافع محمد فقها أثناء رعيه في منطقة الحمة، في سلوك يحمل دلالات على نية الاستيلاء على الممتلكات الخاصة عبر التخويف والإرهاب الفردي والجماعي، في ظل غياب أي شكل من أشكال الردع أو المساءلة.
وفي القدس المحتلة؛ اقتحم نحو 180 مستوطناً باحات المسجد الأقصى بحماية كاملة من شرطة الاحتلال، ونفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوسًا دينية داخل الحرم، في انتهاك صارخ لحرمة الأماكن المقدسة، وكمظهر يومي من مظاهر السطو المنظم على هوية المدينة ومقدساتها.
واستولى مستوطنون على أراضٍ جديدة في قرية أم الخير بمنطقة مسافر يطا جنوب الضفة، بعد أن نقلوا أسوار مستوطنة “كرمئيل” ووسّعوها على حساب الأراضي الفلسطينية، وسط اعتداءات عنيفة على الأهالي الذين حاولوا الدفاع عن أراضيهم.
وقد أُصيب أربعة مواطنين، بينهم امرأة، بجروح ورضوض نتيجة الاعتداء، فيما استخدمت قوات الاحتلال قنابل الغاز والصوت لتفريق المدنيين، واعتقلت عدداً منهم، في مشهد يتكرر بوتيرة يومية ويكشف عن تعاون واضح بين المستوطنين وجيش الاحتلال.
كما شهدت بلدة عزون شرق قلقيلية جريمة بيئية واقتصادية جديدة، حيث أقدم مستوطنون على اقتلاع 180 شجرة وغرسة، منها أشجار زيتون وحمضيات تجاوز عمر بعضها 15 عاماً. وقد رافق هذا الاعتداء سرقة معدات زراعية وتخريب شبكات مياه، في محاولات متكررة لتدمير البنية الزراعية وفرض شلل اقتصادي على السكان.
وتقع هذه الهجمات ضمن مخطط استيطاني مفضوح يقوم على توسيع المستوطنات عبر قضم الأراضي الفلسطينية شيئاً فشيئاً، تحت حماية مباشرة من قوات الاحتلال. وهو ما أدى إلى إحاطة العديد من القرى والتجمعات السكانية الفلسطينية بأحزمة استيطانية خانقة، كما يحدث في خربة أم الخير وغيرها.
وتأتي هذه الاعتداءات في سياق سياسة ممنهجة تستهدف طرد السكان الفلسطينيين الأصليين من أراضيهم، وخلق وقائع ديموغرافية وجغرافية جديدة بالقوة، وهو ما يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على قوة الاحتلال نقل جزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة أو مصادرة ممتلكات السكان المحميين.
إن استمرار هذه الممارسات دون أي محاسبة، وفي ظل صمت دولي أو تواطؤ ضمني، يعكس انهيارًا أخلاقيًا في بنية النظام الدولي، ويعزز مناخ الإفلات من العقاب، ويعمق المأساة اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت نير الاحتلال العسكري والاستيطاني.