تشهد الضفة الغربية في الآونة الأخيرة تصعيداً خطيراً في عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، بلغ وفق معطيات أممية أعلى مستوياته منذ أكثر من عقد، ما يعكس اتجاهاً منظّماً ومتسارعاً نحو توسيع السيطرة الاستيطانية وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين، في ظل غياب شبه تام لأي مساءلة أو حماية للمدنيين الفلسطينيين.
وأفادت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن شهر أكتوبر كان الأكثر عنفاً منذ أكثر من 12 عاماً من بدء التوثيق المنتظم لتلك الانتهاكات، مشيرة إلى أن الاعتداءات تركزت بشكل خاص على موسم قطف الزيتون، حيث تعرّض المزارعون الفلسطينيون لهجمات متكرّرة وحرمان من الوصول إلى أراضيهم، ما يهدد مصدر رزقهم الوحيد في العديد من القرى.
وتنوّعت الهجمات بين إطلاق النار، ورشق الحجارة، وحرق السيارات والممتلكات، وصولاً إلى طرد السكان من أراضيهم الزراعية.
كما أشار تقرير الوكالة إلى استمرار عمليات التهجير القسري للفلسطينيين، لا سيما في شمال الضفة الغربية، حيث تتعرض مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس لضغوط أمنية وهدم منازل، أدت إلى نزوح مئات العائلات خلال الأسابيع الأخيرة.
وتشكل هذه الممارسات خرقاً واضحاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة أو طرد السكان الأصليين منها.
كما تُعدّ سياسة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها المستوطنون تواطؤاً فعلياً من سلطات الاحتلال، بما يجعلها مسؤولة قانونياً عن حماية المدنيين الفلسطينيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
ولا يمكن فصل هذه الانتهاكات عن سياسة ممنهجة تهدف إلى التضييق على الفلسطينيين في سبل عيشهم ودفعهم إلى الرحيل القسري، وهو ما يرقى إلى مستوى “الاضطهاد الممنهج” الذي قد يُصنّف ضمن الجرائم ضد الإنسانية.
ومع استمرار الصمت الدولي وغياب آليات المحاسبة الفعالة؛ يبدو أن الضفة الغربية تتجه نحو مرحلة أكثر قسوة من السيطرة الاستيطانية، تُقوّض ما تبقّى من فرص السلام العادل والمستقبل الآمن للفلسطينيين على أرضهم.


























