شهدت مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، فجر الأحد، موجة اعتداءات جديدة نفذها مستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال، شملت إحراق ثلاث مركبات فلسطينية واقتلاع نحو 150 شجرة زيتون، في مشهد بات يتكرر يومياً دون أي مساءلة أو محاسبة.
ففي قرية مجدل بني فاضل جنوب شرق نابلس؛ أقدم مستوطنون على إحراق مركبتين تعودان للفلسطينيين عبد النبي طايع وصدام طايع في منطقة المزار، وخطوا شعارات عنصرية ومعادية للعرب على جدران أحد المنازل.
وفي قرية الطيبة شرق رام الله؛ أضرم مستوطنون النار في مركبة فلسطينية، ما أدى إلى احتراقها بالكامل.
أما في قرية المغيّر شرق رام الله، التي تتعرض لاعتداءات متكررة من المستوطنين وجيش الاحتلال، فقد أقدم مستوطنون على قطع 150 شجرة زيتون في منطقة “سهل مرج سيع”، قبل انسحابهم من المكان.
كما سرق مستوطنون خلايا نحل وحطموا أخرى في قرية أم صفا شمال المدينة، ما ألحق خسائر كبيرة بالمزارعين.
وتأتي هذه الاعتداءات في وقتٍ يتصاعد فيه العنف المنهجي ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، والذي يأخذ طابعاً منظماً ومدعوماً من المؤسسة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي. فالمستوطنون يتحركون في معظم الأحيان تحت حماية جيش الاحتلال الذي يوفر لهم الغطاء اللازم لتنفيذ جرائمهم، في خرقٍ فاضح للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر على قوة الاحتلال المساس بأمن السكان الواقعين تحت سلطتها أو تدمير ممتلكاتهم الخاصة.
وتؤكد الوقائع الميدانية أن هذه الاعتداءات لا تعد حوادث معزولة، بل سياسة ممنهجة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم الزراعية، وفرض واقع استيطاني جديد يخدم مشروع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. وغالباً ما تتزامن هذه الهجمات مع موسم قطف الزيتون، في محاولة لحرمان المزارعين من مصدر رزقهم الأساسي ودفعهم إلى ترك أراضيهم قسراً.
وخلال العامين الماضيين؛ نفذ المستوطنون أكثر من سبعة آلاف اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة، ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين وتهجير تجمعات بدوية بأكملها، في ظل تواطؤٍ رسمي وصمتٍ دولي مريب.
وبالتوازي مع حرب الإبادة في قطاع غزة؛ يتواصل في الضفة الغربية مسار موازٍ من الجرائم التي نفذها الجيش والمستوطنون، وأسفرت حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 1051 فلسطينياً وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 20 ألف شخص بينهم 1600 طفل.
ويعكس استمرار هذه الانتهاكات دون مساءلة أو تدخل دولي فاعل؛ انهيار منظومة العدالة الدولية أمام جرائم الاحتلال، ويفتح الباب واسعاً أمام مزيد من العنف والتطهير العرقي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويفرض تكرار هذه الجرائم في الضفة الغربية، في ظل إفلات كامل من العقاب، ضرورة تحرك دولي عاجل لتوفير آلية حماية فعالة للفلسطينيين تحت الاحتلال، وضمان تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني التي تجرّم الاعتداء على المدنيين وممتلكاتهم.
ويشجّع صمت المجتمع الدولي، وعجز المؤسسات الأممية عن فرض التزامات الاحتلال القانونية، على استمرار الانتهاكات وتوسيع الاستيطان وتكريس واقع الفصل العنصري في الأرض الفلسطينية. ولا يمكن الحديث عن سلام أو استقرار طالما تُدار الأراضي المحتلة بمنطق القوة والغطرسة، خارج أي مساءلة قانونية أو إنسانية.
فالحماية الدولية للفلسطينيين لم تعد مطلباً سياسياً فحسب، بل واجباً قانونياً وأخلاقياً لإيقاف دوامة العنف الممنهج، وصون ما تبقى من العدالة والكرامة الإنسانية في وجه الاحتلال وسياساته القائمة على التمييز والتطهير والاقتلاع.