يشهد شمال غرب سوريا أزمة إنسانية متفاقمة جراء التصعيد العسكري الأخير في حلب وحماة ومحيطهما، حيث أدت الاشتباكات المكثفة إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين، وسط تدهور كارثي في الوضع الإنساني.
وبينما يفتقد الأهالي أبسط سبل الحماية والرعاية؛ ناشدت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والجهات المانحة تقديم دعم عاجل لإنقاذ أرواح المتضررين.
وأكد المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، أن التصعيد العسكري الأخير تسبب في نزوح أكثر من 178 ألف شخص، فيما لا تزال موجات النزوح مستمرة مع احتدام الاشتباكات في المناطق المستهدفة.
وأشار عبد المولى إلى أن هذا التصعيد أدى إلى توقف شبه كامل للعمليات الإنسانية، مما يزيد من معاناة السكان الذين يعانون أصلاً أوضاعاً مأساوية.
وأوضح أن الأعداد الدقيقة للضحايا بين القتلى والجرحى لم يتم تحديدها بعد، نظرًا للصعوبات الهائلة التي تواجه فرق الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في الوصول إلى المناطق المتضررة.
وأكد أن فرق الهلال الأحمر العربي السوري والمنظمات الإغاثية الأخرى تعجز حتى الآن عن جمع الجثث المنتشرة في الشوارع بسبب استمرار القصف وانعدام الأمن.
معاناة مضاعفة للسكان
وأشار عبد المولى إلى أن “من أكثر الروايات الصادمة أن هناك جثثًا ملقاة في الشوارع لا يمكن دفنها بشكل لائق”، ما يسلط الضوء على البعد الإنساني المؤلم للأزمة.
ولفت إلى أن البنية التحتية المدنية في المناطق المستهدفة تعرضت لأضرار جسيمة، بما في ذلك المرافق الصحية والمدارس، ما يهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين، خاصة الأطفال والنساء الذين يمثلون النسبة الأكبر من النازحين.
ووصف عبد المولى الوضع الحالي بأنه مرحلة جديدة من الأزمة السورية، تستدعي استجابة إنسانية عاجلة وموارد إضافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمتضررين.
ودعا جميع الدول والجهات المانحة إلى تقديم أقصى ما تستطيع من مساعدات مالية وعينية لدعم العمليات الإغاثية في شمال غرب سوريا.
المدنيون يدفعون الثمن
وفي تطور خطير، تصاعدت وتيرة قصف النظام السوري وحلفائه منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على مناطق عدة في شمال البلاد، مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين وإلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية.
وقد أدى هذا التصعيد إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، حيث يجد السكان أنفسهم عالقين بين القصف والنزوح، بينما تعجز المنظمات الإنسانية عن الوصول إليهم لتقديم المساعدة.
ويكشف تفاقم التصعيد الأخير في سوريا مرة أخرى عن الثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون في النزاعات المسلحة، حيث تتعرض حياتهم وأمنهم وكرامتهم لانتهاكات جسيمة.
ويُعد استمرار هذه الانتهاكات تذكيرًا بأن القانون الإنساني الدولي يفرض حماية المدنيين وتجنيبهم آثار الحروب، وعليه فإن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته والضغط على جميع الأطراف المتنازعة لاحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، إضافة إلى زيادة الدعم الإنساني لإنقاذ الأرواح والتخفيف من معاناة الشعب السوري.