في تطور خطير يعكس الانهيار الكامل للمنظومة الصحية والبيئية في قطاع غزة؛ سجلت وزارة الصحة 95 إصابة بمتلازمة “غيلان باريه” النادرة، بينهم 45 طفلًا، وسط تحذيرات من انتشار “سريع ومقلق” للمرض، بسبب تلوث المياه وسوء التغذية الناتجين عن سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين منذ بدء حرب الإبادة على القطاع في 7 أكتوبر 2023.
وأوضح مدير عام وزارة الصحة بغزة، منير البرش، أن هذا العدد من الإصابات يُعد “سابقة خطيرة”، إذ لا يتجاوز المعدل الطبيعي حالة واحدة سنويًا في مثل هذه المناطق.
وتؤدي المتلازمة العصبية التي تُصنّف ضمن الأمراض النادرة، إلى فقدان تدريجي في القدرة على الحركة، تبدأ بالأطراف السفلية وقد تصل إلى الجهاز التنفسي، مسببة الوفاة في حال غياب العلاج.
وبيّن البرش أن سرعة انتشار هذا المرض النادر، ولا سيما بين الأطفال، يعد مؤشرًا على انهيار الوضع الصحي وتفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، في ظل الحصار المشدد ومنع إدخال العلاجات والمغذيات الضرورية.
وقبل يوم من الإعلان عن تفشي المرض؛ كانت وزارة الصحة قد سجّلت 3 حالات وفاة بمتلازمة “غيلان باريه”، بينهم طفلان دون الـ15 من العمر، جراء سوء التغذية وفشل محاولات إنقاذهم بسبب انعدام الأدوية، في واحدة من صور الانهيار التام للقطاع الصحي في غزة.
ويأتي ذلك بعد أسابيع من إعلان الوزارة تسجيل 45 حالة “شلل رخو حاد” خلال شهري يونيو ويوليو، نتيجة تدهور الأوضاع البيئية والصحية في القطاع المحاصر.
ويحذر مختصون من أن انتشار متلازمة “غيلان باريه” قد يكون بداية موجة من الأوبئة المرتبطة بسوء التغذية وتلوث المياه وانعدام المأوى، خصوصًا مع اكتظاظ مراكز الإيواء وعدم توفر الرعاية الطبية الأساسية.
وإلى جانب القصف والقتل المباشر؛ يشكّل تدمير النظام الصحي في غزة أداة أخرى من أدوات الإبادة الجماعية التي تُمارس بحق أكثر من مليوني إنسان. فبينما يموت بعض الضحايا تحت الأنقاض، يموت آخرون بصمت في ممرات المستشفيات، أو داخل خيام النازحين، بسبب أمراض يمكن علاجها في أبسط الظروف.
ومنذ أكثر من 10 أشهر، يتعرض قطاع غزة لحرب إبادة شاملة، تشمل التدمير والتجويع والتهجير، تحت غطاء أمريكي وصمت دولي. وقد أسفرت هذه الحرب عن مقتل وإصابة أكثر من 210 آلاف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يفوق 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين الذين يواجهون الجوع والمرض والموت في كل لحظة.