قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن التقرير الصادر مؤخراً عن لجنة مناهضة التعذيب (CAT) – تابعة لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان- حول ممارسات عدد من الدول فيما يتعلق بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، بما فيها الإمارات، يثير مخاوف حول عدم التزام الدولة الخليجية بأي من المعاهدات والمواثيق التي تتباهى بالتوقيع عليها.
وأوضحت المنظمة أنه بينما أشاد التقرير بتوقيع الإمارات العربية المتحدة على عدد من المعاهدات الحقوقية – مثل المتعلقة بالعنصرية والتمييز على أساس الجنس وإساءة معاملة الأطفال- فإنه سلط الضوء على ممارسات وحشية وقمعية للنظام مثل إساءة معاملة السجناء، تستوجب إجراءات حاسمة من أجل وضع حد لمثل هذه الانتهاكات.
فيما يلي أبرز ما جاء في تقرير لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة حول دولة الإمارات العربية المتحدة ومدى التزامها بالمعاهدات والمواثيق:
- لا يتطابق تعريف الإمارات العربية المتحدة للتعذيب مع تعريف اتفاقية مناهضة التعذيب، حيث يقتصر التعذيب في التعريف الإماراتي فقط “على الموظفين العموميين الذين يستخدمون التعذيب ضد متهم أو شاهد”، وهذا يعني أن التعذيب لا يشمل ما يتم خلال “حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي حالة طوارئ عامة أخرى”، وهو أمر دعت اللجنة لتعديله.
- العقوبة التي تفرضها الدولة الإماراتية على التعذيب “تقديرية”، حيث “تتراوح بين السجن لمدة ثلاث سنوات أو 15 سنة”، في حين تعتبر في بعض الحالات مجرد “جنحة”، وهو أمر قالت عنه اللجنة الدولية أنه “لا يتناسب مع خطورة الجريمة”، فضلاً عن أن الإمارات تسمح بسقوط هذه الجريمة بالتقادم بعد مرور خمس سنوات.
- يشير تقرير لجنة مناهضة التعذيب إلى أن “المحتجزين غالباً ما يواجهون صعوبة في التواصل مع محام أو أفراد عائلاتهم أو أي شخص آخر، كما يوجد تعنت في عرضهم على طبيب”، وأن “المحتجزين محرومون من حقهم في الطعن على شرعية احتجازهم وتقديم شكاوى ضد ما يتعرضون إليه من انتهاكات، لا سيما عندما تتعلق الجرائم التي تم احتجازهم بسببها بأنشطة سياسية أو بأمن الدولة “.
- لم تتجاهل اللجنة التقارير التي تتناول بالتفصيل مزاعم التعذيب ضد المشتبه بهم من قبل مسؤولي إنفاذ القانون والأمن، مشيرة إلى أنها تثير مخاوف حول عدم التزام الإمارات بالمعاهدات الموقعة عليها.
- أعربت اللجنة عن قلقها إزاء ما يتعرض له المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات من تعذيب وسوء معاملة، مؤكدة أن الدولة بالكاد تمنحهم حقوقهم القانونية أو جزء بسيط منها.
- أعربت اللجنة عن قلقها إزاء التقارير التي تشير إلى أن الدولة تقوم بتعذيب الأشخاص المتعاونين مع هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة كنوع من أنواع الانتقام والتنكيل.
- اللجنة قامت بتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان -وخاصة التعذيب-التي ترتكبها الإمارات بصورة متزايدة في اليمن، حيث قالت اللجنة إن “تقارير الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على أيدي القوات المسلحة النظامية الإماراتية والجماعات التي تعمل لصالح الدولة في مراكز الاحتجاز الموجودة في اليمن أمر يدعو للقلق”، مضيفة أن “هناك نقص في المعلومات المقدمة في هذا المجال من الإمارات العربية المتحدة”.
- أكدت اللجنة أن ما يحدث داخل مقار الاحتجاز الإماراتية “قد يرقى إلى مرتبة المعاملة، أو العقوبة القاسية، واللاإنسانية، أو المهينة”.
- أثارت نتائج اللجنة مخاوف جدية بشأن إنصاف وتعويض ضحايا التعذيب، ودور السلطة التنفيذية في التأثير على القضاء واستخدامه لعقوبة الإعدام.
في توصياتها، طالبت لجنة مناهضة التعذيب دولة الإمارات العربية المتحدة بسلسلة من المطالب لمعالجة هذه المجالات المثيرة للقلق وتقديم تقرير آخر يشرح بالتفصيل التقدم المحرز بحلول عام 2026.
وأوضحت المنظمة أنه بينما جاء رد لجنة مناهضة التعذيب على تقرير الإمارات مغلفاً بلغة دبلوماسية، فإنه لا يزال يكشف عن وحشية النظام الإماراتي في التعامل مع الحريات، وانتهاج القمع والاستبداد كوسيلة في التعامل مع أي معارضة.
وأضافت المنظمة أنه بالرغم من ردود لجنة مناهضة التعذيب، فإن المدافعين عن حقوق الإنسان يعرفون بالفعل حقيقة النظام الإماراتي، الذي يتصرف باطمئنان أنه بمنأى عن أي عقاب بفضل علاقته الوثيقة مع القوى العالمية، وعلى الأخص الولايات المتحدة.
وتؤكد المنظمة أنه في حين أن فضح لجنة مناهضة التعذيب لانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع في الإمارات العربية المتحدة سيضع بعض الضغط على النظام، فلا يوجد -حتى الآن- الكثير الذي يمكن توقعه فيما يتعلق بفرض عقوبات عملية لمنع استمرار هذه الانتهاكات.
وتدعو المنظمة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لمواجهة الانتهاكات الواسعة النطاق التي يمارسها حكام الإمارات العربية المتحدة، مشددة على أن الحقيقة أصبحت الآن مكشوفة أمام العالم لا ينقصها سوى اتخاذ خطوات عملية.