خلال العام 2017، فترة عمل هذا التقرير، في الفترة منذ الأول من يناير/كانون الثاني 2017 وحتى آخر ديسمبر/كانون الأول 2017 لم تتغير حالة الانهيار التام في حالة حقوق الإنسان في مصر، حيث استمرت السلطات المصرية في ذات المسار التقليدي المبني على القمع وانتهاج كافة ألوان الانتهاكات الحقوقية على مختلف الأصعدة.
بحسب عملية الرصد لحالات القتل خارج إطار القانون فقد بلغ عدد القتلى خلال فترة رصد هذا التقرير 208 شخصاً.
سقط هذا العدد من القتلى في مختلف المحافظات المصرية عدا سيناء التي يرد رصدها مستقلا، قتل هؤلاء الأشخاص جراء أسباب متعددة ما بين متوفون داخل مقار الاحتجاز المختلفة جراء التعذيب والإهمال الطبي المتعمد وسوء أوضاع الاحتجاز، وقتلى عمليات التصفية الجسدية المباشرة التي قامت بها القوات الأمنية أثناء عمليات ضبطهم، أو قام بها بعض أفراد الأمن بعد نشوب مشادات كلامية بينهم وبين أحد المواطنين، بالإضافة إلى 15 شخصاً تم إعدامهم خارج إطار القانون، كما شمل هذا العدد شخصاً قُتل على يد القوات الأمنية أثناء اعتدائها على أهالي جزيرة الوراق في أزمتها الأخيرة.
هذا بالإضافة إلى مقتل 107 شخصاً في ظروف ملتبسة حيث ادعت وزارة الداخلية وفاتهم أثناء إلقاء القبض عليهم بينما حاولوا الهرب أثناء القاء القبض عليهم أو بادروا القوات الأمنية بإطلاق النار عليها، في حين لم تفتح تحقيقات قضائية جادة في تلك الأحداث مما يجعلها محل شك خاصة في ظل تفشي سياسة التصفية الجسدية خارج إطار القانون على يد قوات الأمن المصري.
وفقاً لعمليات رصد كمي لحالات الاعتقال على خلفية سياسية بلغ عدد الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي خلال العام 2017- 2998 شخصاً، بينهم 80 قاصراً و50 امرأة، حيث تم اعتقال 891 شخصاً خلال الربع الأول، كما تم اعتقال 769 شخصاً خلال شهر الربع الثاني، بينما اعتقل 801 شخصاً خلال الربع الثالث، و537 شخصاً خلال الربع الأخير.
وكعادة السلطات الأمنية في مصر فقد تعرض معظم هؤلاء المعتقلون للاختفاء القسري لمدة تزيد عن 24 ساعة على الأقل، بينما استمر تعريض بعضهم للاختفاء القسري حتى الآن، ووفق شكاوى تلقتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا فقد قامت مئات الأسر بإرسال العديد من التلغرافات والبلاغات للنائب العام ووزير الداخلية مطالبين إياهم بإجلاء مصير ذويهم، إلا أنه لم يتم البت في تلك البلاغات، وبلغ عدد المختفين قسريا خلال فترة رصد التقرير وفقا للشكاوى التي تلقتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بهذا الصدد 1116 شخصاً على الأقل أي ما يعادل 37.2٪ من إجمالي عدد المعتقلين، منهم 266 شخصاً خلال الربع الأول، و350 شخصاً خلال الربع الثاني، و309 شخصاً خلال الربع الثالث، و191 شخصاً خلال الربع الأخير.
الربع الثالث من العام 2017 شهد قيام الجهات الأمنية المصرية بشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف طلاب جامعيين من تركستان الشرقية (الأويغوريين)، والمتواجدين بمصر بغرض الدراسة في جامعة الأزهر، والذين قُدرت أعدادهم بنحو 80 طالباً، ومن ثم قامت القوات باقتيادهم إلى مقار احتجاز مجهولة لمدة يومين تقريباً، دون تمكينهم من التواصل مع المحامين أو عرضهم على أي جهة قضائية أو إخطارهم بسبب اعتقالهم، قبل أن يتم الإفصاح عن مكانهم، وجاءت تلك الاعتقالات بعد مرور أقل من شهر على زيارة نائب وزير الأمن الصيني القاهرة، والذي طالب خلالها السلطات المصرية بتسليم الطلاب الأويغور للصين.
وفق عملية رصد كمي لجلسات محاكمات المعتقلين على خلفية القضايا المتعلقة بمعارضة السلطات خلال العام 2017، تبين صدور أحكاما قضائية في 419 قضية معارضة للسلطات أمام دوائر جنح وجنايات مدنية وعسكرية، حيث تم الحكم في 354 قضية مدنية، بينما تم الحكم في 65 قضية عسكرية.
وبلغ عدد الأشخاص الذين شملتهم تلك المحاكمات 7010 شخصاً، منهم 36 قاصراً، تم تبرئة 1802 من هؤلاء المحكومين، أي 25.7 % من إجمالي عددهم الكلي، منهم 221 تم تبرئتهم من قضايا عسكرية، بينما حُكم على 5208 بأحكام إدانة مختلفة، أي بنسبة 74.3 %، منهم 1621 حوكموا بأحكام إدانة مختلفة أمام دوائر عسكرية.
كما تم الحكم بالسجن المؤبد على 1634 شخصاً، وتم الحكم بالسجن المشدد أكثر من 5 سنوات على 1603 شخصاً، بينما تم الحكم بالسجن من 3 سنوات وحتى 5 سنوات على 1002 شخصاً، وصدرت أحكاماً بالحبس من شهر وحتى أقل من 3 سنوات في حق 779 شخصاً، بالإضافة إلى التصديق على الحكم بإعدام 170 شخصاً من أصل 961 شخصاً تم تصديق حكم الإعدام عليهم على خلفية اتهامهم في قضايا معارضة منذ أحداث الثالث من يوليو/تموز 2013، بالإضافة إلى 20 شخصاً حكم عليهم بالغرامة المالية،
وفق لعملية رصد كمي لآثار عمليات الجيش الأمنية في سيناء خلال العام 2017، ووفق عملية رصد كمي لكافة التصريحات والبيانات الرسمية الصادرة عن القوات المسلحة المصرية، وما تم رصده من قبل نشطاء ذوي مصداقية فقد بلغ عدد القتلى من المدنيين 522، منهم 482 شخصا قتلوا نتيجة مواجهات أمنية، والبقية قتلوا بصورة عشوائية.
أما عدد المعتقلين في سيناء أثناء فترة الرصد، فقد بلغ 755 شخصاً، منهم 171 أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية أنهم مطلوبون أمنياً، بينما تم اعتقال 584 شخصاً بدعوى الاشتباه.
كما لم تسلم الممتلكات الخاصة بأهل سيناء من منازل ومزارع وعربات ودراجات بخارية من التدمير والتخريب دون فتح تحقيق واحد في تلك العمليات، ودون تعويض للمتضررين، حيث تم الإعلان عن حرق 416 دراجة بخارية و299 عربة خلال فترة رصد التقرير، كما تم الإعلان عن حرق وتدمير مئات العشش الخاصة بأهالي محافظة سيناء، حيث بلغ عدد العشش التي تم حرقها وتدميرها خلال فترة عمل هذا التقرير 239 عشة، و32 منزل، هذا بالإضافة إلى تجريف 12 مزرعة.
من خلال واقع رصد انتهاكات السلطات المصرية لحقوق الإنسان خلال فترة عمل التقرير فإن حالة الانحدار التي تعاني منها منظومة حقوق الإنسان في مصر مازالت على ذات النسق دون أي تحسن يذكر مما يدعو المجتمع الدولي للتحلي بالقدر اللازم من المسؤولية الأخلاقية أمام هذا الكم المفزع من الانتهاكات واستمرار النظام المصري على ذات النهج القمعي والإهدار الكامل لحقوق الإنسان، فالتعامي الدولي عن تلك الجرائم يجعل كافة المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان دون أدنى قيمة في ظل تجاهلها من قبل الدول الأعضاء مقابل مصالح سياسية رخيصة.