أكد تقرير حقوقي تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية “الخطيرة” لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما حقهم في الحياة والكرامة وتقرير المصير.
وقال مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقرير بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، إن هذه المناسبة تمر هذا العام في ظروف بالغة القسوة يعانيها الفلسطينيون، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني “لا يزال يتعرض لظلم وقهر كبيرين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يضرب بعرض الحائط المواثيق والأعراف الدولية كافة”.
ولفت التقرير إلى أن الفلسطينيين يتعرضون لحملة تمييز عنصري مستمرة، “وتحاول سلطات الاحتلال إسكات الأصوات التي تنتقد انتهاكاتها، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية والفلسطينية”.
وأضاف: “في الضفة الغربية والقدس المحتلة؛ تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم، وتتوسع في هدم المنازل وبناء وتوسعة المستوطنات غير القانونية، وتفصل المدن والأحياء السكنية عن بعضها البعض من خلال نظام حواجز أمنية دائمة ومؤقتة؛ تحول فيها حياة الفلسطينيين لجحيم، وتدعم وتوفر غطاءً لاعتداءات المستوطنين اليومية بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم”.
وتابع: “في القدس تواصل قوات الاحتلال سياسة التطهير العرقي من خلال هدم المنازل وتهجير سكانها العرب، ومنعهم من ترميم منازلهم، وتحاصرهم في أحياءهم، وتفرض الضرائب الباهظة على الفلسطينيين بقصد التضييق عليهم، ما تسبب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمرة لعبت دوراً جوهرياً في توسيع ظاهرة الفقر وزيادة أعداد الفقراء ومست بجملة حقوق السكان لاسيما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
وأوضح المركز أنه “في قطاع غزة؛ تواصل قوات الاحتلال فرض حصارها المشدد منذ عام 2007 وحتى تاريخه، والذي أثر على كل مناحي الحياة وأسهم بشكل مباشر في تدهور الأوضاع الإنسانية وتردي الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وصرف صحي، وخدمات صحية وتعليم، وقوّض الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية للسكان، وهذا ما حذرت منه الأمم المتحدة، بأن قطاع غزة قد يصبح مكاناً غير صالحاً للحياة في عام 2020 إذا ما استمرت أوضاعه على النحو التي هي عليه”.
ولفت إلى أن الهجمات والاعتداءات اليومية التي تشنها قوات الاحتلال تجاه المدنيين وممتلكاتهم في قطاع غزة ما زالت مستمرة، لافتا إلى أنها أوقعت آلاف القتلى والمصابين، ودمرت خلالها آلاف المساكن وشردت مئات آلاف الأسر، ودمرت المصانع والمحال التجارية والمنشآت الحيوية في عملية تدمير طالت مقومات الحياة الأساسية.
وأشار إلى أنه وثقة في العام الحالي 2020 وحده (1116) حادث قصف وإطلاق من قبل قوات الاحتلال تجاه المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في قطاع غزة، نتج عنها استشهاد (6) مواطنين، من بينهم (2) من الأطفال، كما أصيب (55) آخرين، من بينهم (15) طفلاً وسيدة، كما اعتقلت (47) مواطناً، من بينهم (6) أطفال وسيدة، وألحقت أضراراً في (24) منزلاً مأهولاً.
وأضاف: “في حين توغلت قواتها داخل أراضي القطاع (52) مرة، والتي ترافقت مع عمليات رش للمبيدات الكيميائية من الجو تجاه الأراضي الزراعية ما تسبب في إلحاق الضرر في مساحة (3330607 م2) من أراضي المواطنين الزراعية”.
وبين أن ممارسات سلطات الاحتلال تسببت في معاناة شديدة للمدنيين، لا سيما المرضى، حيث وثق المركز خلال الفترة نفسها وفاة (5) مواطنين من بينهم (2) من الأطفال وسيدة جراء إعاقة وصولهم للمستشفيات لتلقي العلاج، في حين رفضت وماطلت في إصدار تصاريح لـ(1546) مريضاً كانوا قد تقدموا بطلب الحصول على تصريح السفر للعلاج، مما قد يضع بعضهم على قوائم انتظار الموت.
ولفت إلى أن قطاع غزة يسجل في الوقت نفسه ارتفاعاً في أعداد الإصابات وتصاعداً ملحوظاً في أعداد الوفيات جراء تفشي فايروس كورونا في ظل إعلان وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 6/12/2020، توقفها عن أخذ عينات من المخالطين وممن يشتبه بإصابتهم بسبب نفاد مواد الفحص المخبرية، جراء الحصار الإسرائيلي وعدم انتظام توريدها لقطاع الصحة وغياب المساعدات الدولية، ما يهدد بانهيار المنظومة الصحية برمتها.
وتابع: “تفضي الظروف التي يعانيها السكان على مدى أربعة عشر عاماً إلى تنامي مشاعر اليأس والإحباط لديهم، بعد أن فقدوا أبسط مقومات الحياة، وأصبحوا غير قادرين على الحصول على الحد الأدنى من حقوقهم الأساسية، من غذاء ودواء ومياه نظيفة ومسكن ملائم، ودون وجود مؤشرات على تدخل المجتمع الدولي لوقف المعاناة الإنسانية”.
وأكد مركز الميزان لحقوق الإنسان أن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وانتهاكاتها المنظمة بحق المدنيين الفلسطينيين يشكلان تناقضاً واضحاً بين ما يعلنه المجتمع الدولي من انتصار لقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وبين تحلله من أي التزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بل واستمرار تجاهله لأساس المشكلة والذي يكمن في استمرار الاحتلال.