واجه مئات المصريين خطر تطبيق عقوبة الإعدام بحقهم بعد محاكمتهم في قضايا ذات خلفية سياسية، ويبدو أن الحكومة المصرية عازمة على تنفيذ تلك الأحكام دون تمهل عقب انتهاء درجات التقاضي الشكلية المنصوص عليها في القانون المصري.
تعاني الدولة المصرية من حالة انهيار كامل في منظومة العدالة في ظل تغول الأجهزة الأمنية التي أنيط بها قمع المتظاهرين وقتلهم واعتقالهم وتعذيبهم وتلفيق القضايا لهم ثم تمريرها إلى النيابة العامة لتضفي عليها صبغة قضائية وتحيلها إلى دوائر قضائية خاصة اختيرت بعناية من قبل وزير العدل.
آلاف الأشخاص يحاكمون أمام ساحات القضاء المصري بعد اتهامهم بقضايا في أغلبها ممارسات لمعارضة السلطة الحاكمة في إطار حرية الرأي والتعبير المكفولين في القانون المصري حيث أصدرت هذه المحاكم أحكاما قاسية بدءا من الإعدام وحتى المؤبد والحبس والغرامات المالية الباهظة.
كافة المحاكمات التي انتهى قضاتها إلى الحكم بالإعدام بحق المتهمين لم تتوافر فيها المعايير الدنيا للمحاكمات العادلة، وكانت الأحكام فيها منتجا سياسيا بامتياز لتتعادل تلك الأحكام مع أي قرار إداري صادر عن السلطة التنفيذية.
وعلى الرغم من رفض محكمة النقض المصرية بعض تلك الأحكام مما يفتح أملا أخيرا لمئات المحكومين في تلك القضايا، إلا أن الأخيرة أيدت حكما بالإعدام بحق متهم واحد ـ تم تنفيذ الحكم بحقه فعلا ـ رغم توافر ذات العيوب القانونية التي توافرت في باقي القضايا.
ومع ازدحام ساحات دوائر الإرهاب واكتظاظها بالمتهمين وكون أوراق تلك القضايا متاحة للمحامين وغيرهم بطبيعة الحال مما يسهل عملية تفنيد ما بها والوقوف على عوار أدلتها وفساد أركانها، بالإضافة إلى استطاعة الإعلام الوصول لتلك الجلسات وتصوير بعض ما بها ليصبح دليلا إضافية على هزلية المحاكمات.
إضافة إلى دوائر الإرهاب الخاصة استحدثت السلطات المصرية تشريعات توسع من اختصاص القضاء العسكري بشكل مطلق ليشمل كافة الاتهامات المتعلقة بمعارضة السلطات ليسجل الأخير أعلى نسبة لتلك الأحكام في مصر منذ الثالث من يوليو 2013.
إن واقع القضاء المصري المدني والعسكري يعبر عن رغبة السلطات الحاكمة في تصفية الخصوم السياسيين عبر أروقة المحاكم كما تتم تصفيتهم في مقرات الاحتجاز بالتعذيب أو الإهمال الطبي، وفي الشوارع والميادين برصاص الأمن المصري.
في هذا التقرير نستعرض انغماس القضاء في أعمال السياسة وتبعيته الكاملة للسلطة التنفيذية من خلال أحكام الإعدام بحق مئات المعارضين السلميين وآثار ذلك الخطيره على الحراك السلمي والمطلوب من المجتمع الدولي للتصدي لماكينة القتل القضائية.