خلال الربع الثالث من العام 2015 سلكت السلطات المصرية مسارات جديدة في القمع تفوق في بشاعتها سابقتها ،فبشكل منهجي صعد النظام من عمليات القمع كما ونوعا دون تفرقة بين قاصر وبالغ، رجل وامرأة من كافة الاتجاهات وشرائح المجتمع المصري
خلال الربع الثالث من العام 2015 سلكت السلطات المصرية مسارات جديدة في القمع تفوق في بشاعتها سابقتها ،فبشكل منهجي صعد النظام من عمليات القمع كما ونوعا دون تفرقة بين قاصر وبالغ، رجل وامرأة من كافة الاتجاهات وشرائح المجتمع المصري وارتفعت وتيرة التصفية الجسدية أثناء الاعتقال لتفبرك السلطات بعد أي عملية تصفية رواية مفادها أن الضحايا قتلوا في اشتباك مسلح ،هذا إضافة إلى أن قوات الأمن لا زالت تستخدم القوة المميتة في مواجهة تظاهرات معارضة مما أسفر عن إصابة ومقتل العشرات، كما ارتفع أعداد القتلى جراء التعذيب والإهمال الطبي داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية والتي تصدرت سباق القتل مقارنة بالفترات السابقة.
لم تتوقف عمليات الاعتقال الجماعي التعسفية والمصحوبة غالبا بتعريض المحتجزين للتعذيب الممنهج والإختفاء القسري، واستمر القضاء المصري على وتيرته المتصاعدة في إصدار أحكاما قضائية قاسية تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد على مئات المصريين.
وفي سيناء استمرت الدولة المصرية في إخلاء منطقة الشريط الحدودي مع قطاع غزة وما يصاحب ذلك من تجريف كافة الأراضي والمزارع، وهدم المنازل، وضخ مياه البحر لغمر الأنفاق مما سيكون له آثار كارثية على المياه الجوفية في الجانبين المصري والفلسطيني، واستمر الجيش المصري في عملياته العسكرية باستخدام الأسلحة الأكثر فتكا والأقل دقة، ليصبح كافة مواطني سيناء دون تمييز عرضة للقتل العشوائي، وعرضة لهدم منازلهم، هذا إضافة للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري بدعوى الاشتباه دون أي فرصة للإنتصاف القانوني أو التمتع بحقوق المحاكمة العادلة الأولية، وفي المقابل نقص حاد في الخدمات الأولية وحرمان من الحقوق المدنية الأساسية للمواطنين الذين لازالوا يقيمون هناك.
لم تشهد فترة التقرير أي تقدم أو محاولة من قبل السلطات المصرية لتغيير سياساتها القمعية أو مراجعة ممارساتها، بل استمرت على ذات النهج الدموي دون تغيير، في ظل صمت دولي كامل، وتعزيز سياسية الإفلات من العقاب.
الاستمرار في عملية رصد انتهاكات حقوق الإنسان في مصر أمر ليس يسيرا، في ظل ندرة المعلومات، بالإضافة إلى حرص النظام المصري على إظهار صورة مكذوبة ومشوهة لحقيقة ما يجري في مصر مدعوما بآلة إعلامية عامة وخاصة، ليصبح أي نشاط حقوقي أو إعلامي خارجا عن رواية النظام جريمة في نظر القانون المصري بحسب قانون الإرهاب المصري الجديد.
إلا أنه لا مفر من محاولة العمل الجاد على إظهار الحقيقة وإجلائها وفق معايير جمع المعلومات المعتبرة دوليا، ليصب ذلك في صالح إيضاح الحقيقة للرأي العام في داخل مصر وخارجها ولوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية بشكل واضح، والعمل الجاد على إنهاء سياسية الإفلات من العقاب خاصة أن الانتهاكات اتخذت طابعا استمراريا ومنهجيا يهدد بإشعال المنطقة بأسرها.
ويرصد التقرير بشكل كمي أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في مصرفي الربع الثالث من العام 2015 في الفترة من أول يوليو/ تموز 2015 وحتى نهاية سبتمبر/أيلول 2015 ويشير إلى إجمالي تلك الانتهاكات ليكمل ما تم رصده في التقريرين السابقين لفترات مماثلة في الربع الأول والثاني من ذات العام كي يكون مادة جاهزة للتوثيق والبحث والتحرك القانوني من قبل الجهات والمؤسسات الحقوقية المهتمة بالشأن المصري.