النظام المصري يسحب جنسيات منتقديه
تستخدم السلطات المصرية تكتيكات جديدة في الحملة التي تشنها بلا هوادة على المعارضين السلميين في الداخل والخارج لإسكات أصواتهم، تتمثل في سحب جنسيات بعض المعارضين.
وفي هذا السياق؛ نددت جهات حقوقية دولية في بيان، بحرمان السلطات المصرية الناشطة السياسية غادة نجيب المقيمة في تركيا، من جنسيتها المصرية، مؤكدة أن ذلك يمثل تصعيدا مروعا لعمليات الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء الحقوقيين المصريين في الخارج.
وطالب البيان بإلغاء قرار سحب الجنسية فورا، داعياً إلى إدخال تعديلات على قانون الجنسية المصري، لكي يتماشى مع القانون والمعايير الدولية، بما في ذلك وضع ضمانات ضد الحرمان التعسفي من الجنسية.
ونجيب (49 عاما) ناشطة سياسية تعيش في تركيا منذ أواخر 2015 مع عائلتها، وهي زوجة الفنان المصري هشام عبدالله، ومن النشطاء الذين برزوا عقب اندلاع ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.
وكانت السلطات المصرية قد نشرت في 24 ديسمبر/كانون الأول 2020 قرارا لمجلس الوزراء يفيد بتجريد الناشطة غادة نجيب من جنسيتها المصرية، محولة إياها إلى شخص عديم الجنسية.
وبحسب البيان؛ فقد بررت السلطات خطوتها على أساس أن “غادة” مذنبة بارتكاب جنايات “مضرة بأمن الدولة من جهة الخارج” في إشارة إلى إدانتها، وإصدار حكم عليها بالسجن من جانب محكمة خاصة بسبب نشاطها السلمي، وذلك عقب محاكمة بالغة الجور جرت غيابياً، ويأتي القرار في أعقاب سنوات من الترهيب والمضايقة القضائية ضد “غادة” وأسرتها بسبب نشاطها السياسي.
وأضاف أن “غادة” بعد أن تحملت الترهيب والمضايقة على أيدي قوات الأمن وتحذيرها من اعتقالها الوشيك غادرت مصر في 16 ديسمبر/كانون الأول 2015 بصحبة زوجها الممثل والمذيع التلفزيوني هشام عبدالله مع أطفالهما الأربعة، واستقروا في تركيا، وبعد مضي أسابيع على فرار الأسرة من مصر؛ نشرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة مقالات حول مواجهة غادة نجيب تحقيقات جنائية في قضية أشير إليها بـ”تنظيم شباب 25 يناير”.
وأوضح البيان أنه “في إطار استهداف السلطات المصرية لأقرباء المعارضين في الخارج؛ ألقت القبض على ثمانية أفراد على الأقل من أسرتي غادة نجيب وهشام عبدالله، اللذين بقيا يتعرضان في المنفى للتهديد والترهيب من خلال رسائل نصية وصوتية كانت تصلهما عبر الهاتف”.
ومنذ تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي زمام السلطة؛ شنت السلطات المصرية حملة قمع غير مسبوقة ضد المعارضين والمنتقدين، إذ ألقت القبض على الآلاف في اعتقالات نابعة من دوافع سياسية، أدين العديد منهم وصدرت أحكام عليهم في محاكمات جائرة، أو احتجزوا دون محاكمة طيلة سنوات بتهم تتعلق بالإرهاب لا أساس لها من الصحة، في ظروف احتجاز سيئة للغاية.
ودفع هذا القمع العديد من المعارضين إلى مغادرة مصر تجنبا للاختفاء القسري، والتعذيب، والاحتجاز التعسفي، ومنع السفر، وغيره من القيود التي تفرض على الحقوق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي.
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، قد أدانت سحب الجنسية من غادة نجيب، مشددة على أن إقدام النظام المصري على سحب جنسية المعارضين بسبب نشاطهم السياسي أو الحقوقي، هو تطور خطير يعكس استهتار النظام بالدستور المصري وقواعد القانون الدولي، ويكشف انهيار دّولة القانون وفشل المنظومة القضائية، وعجزها الفاضح عن القيام بالمهام المنوطة بها.
وأوضحت المنظمة أن هذا القرار أتى بعد جملة من القرارات التعسفية الرسمية وغير الرسمية من وزارة الخارجية المصرية، بمنع تجديد جوازات سفر عشرات المعارضين المصريين المقيمين في الخارج وعائلاتهم، وحرمانهم من كافة المعاملات الرسمية مع السفارات المصرية الموجودة في مختلف دول العالم.
وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بالضغط على النظام المصري لوقف كافة الممارسات القمعية التي تهدف إلى التضييق على المعارضين وحصارهم في الخارج، وسحب هذا القرار التنكيلي والمخالف للأطر الدستورية المصرية، والقانون الدولي وخاصة اتفاقية عام 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية.