قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن توسع النظام المصري في بناء سجون جديدة لا ينبئ بخير أبدا تجاه أوضاع السجناء وأسرهم حاليا أو مستقبلا، حيث أمر النظام المصري ببناء العشرات من السجون التي تكلفه عشرات الملايين من الدولارات في وقت تعصف به الأزمات الاقتصادية بالبلاد ويعاني فيه المصريين من الغلاء والفقر بشكل غير مسبوق.
وكانت السلطات المصرية قد أقامت حوالي 48 سجنا خلال العشر سنوات الماضية في أماكن متفرقة من البلاد منها مجمع سجون بدر 1،2،3 ومجمع سجون وادي النطرون وسجون العبور وجمصة ودمياط وبني سويف وغيرها من مختلف المحافظات والأقاليم المصرية، وهو الأمر الذي تعده المنظمة خللا في العقلية الإدارية الحاكمة التي ترى أولوية في بناء السجون قبل بناء المستشفيات والمدارس، خاصة وأن الكلفة الإجمالية التي تتكبدها الدولة في إنشاء تلك السجون، تحتاجها الدولة المصرية لمكافحة الفقر و غلاء الأسعار في ظل الأزمات العالمية والكوارث الطبيعية المتلاحقة.
ومع ذلك لم تتحسن حالة السجناء أبدا ولم تستجب الدولة لمطالب تحسين ظروف الاحتجاز بل على العكس ازدادت الأوضاع سوءا ودفعت بالعديد من السجناء إلى محاولة الانتحار وتزايدت وتيرة الوفاة بسبب الإهمال الطبي المتعمد وأعربت الشكاوى والفيديوهات المسربة عن الحالة الغير آدمية التي يعيشها السجناء في تلك المجمعات من قلة الغذاء والأغطية واستمرار الإضاءة في الزنازين، فضلا عن مراقبة وانتهاك خصوصية زنازين النساء طوال الوقت مما يضطرهن للبقاء بحجابهن في درجات حرارة قاربت على منتصف الغليان.
المثير للسخرية أن النظام المصري يسخر كافة إمكانياته الإعلامية للتسويق لهذه السجون أكثر مما يهتم بالترويج للسياحة في مصر، فيتم تصوير السجون الجديدة بشكل وإخراج عالي المستوى ويتم تسميته بأسماء باعثة على الأمل كما لو كانت مدرسة أو مؤسسة خيرية، فمثلا عند افتتاح سجون بدر قام الإعلام المصري بالترويج لمجمع السجون تححت عنوان “حياة جديدة”، فأي حياة تلك التي تتجدد في سجن ينتهك كافة الحقوق الإنسانية ولا يمت لمنظومة العدالة بصلة، إذ تستخدم تلك السجون في الحبس الغير قانوني الذي يطول لسنوات عدة بسبب التجديد عن بعد والتدوير.
ويعد تجديد الحبس عن بعد أحد الأدوات التي ابتكرها النظام المصري للتنكيل بالسجناء عبر إساءة استخدام التكنولوجيا إذ تستخدم هيئة المحكمة مكالمات الفيديو لعقد جلسات تجديد الحبس الاحتياطي مما يحجب المعتقلين عن ذويهم وعن هيئة المحاكمة ويمنعهم من أي فرصة للتعبير عن الانتهاكات التي يتعرضون لها أو حتى للدفاع عن أنفسهم أمام المحكمة.
أما التدوير فهو أداة أخرى أكثر بشاعة يسيئ فيها النظام إلى الدستور والقانون الذي يقضي بعدم حبس المتهم أكثر من عامين على ذمة نفس القضية، فتقوم السلطات المصرية بإخفاء السجناء بعد انتهاء المدة القانونية ومن ثم تلفيق تهم جديدة لهم وإدراجهم أسمائهم على قضايا جديدة، ويظل المعتقل المصري رهين تلك الحالة عدة سنوات خارج منظومة العدالة بشكل كلي.
وفي ظل هذا الوضع القاتم من محاولات النظام المصري لإحكام قبضته على كافة مفاصل الدولة لا سيما منظومة العدالة وتسخير كافة مقدرات الدولية لخدمة الأجهزة الامنية الحاكمة ورؤيتها لإدارة البلاد وإخضاع الشعب المصري والقضاء على أي صوت يخالف أو ينتقد هذه الرؤية ، تناشد المنظمة كافة الجهات الدولية والهيئات المناصرة للعدالة أن تراقب الوضع الأمني في مصر عن كثب وأن تتقصى أخبار السجناء خاصة السياسيين الذين تم اعتقالهم لمجرد التعبير عن آرائهم بشكل سلمي وقانوني.
كما تطالب كافة هيئات المجتمع الدولي بالتوقف الفوري عن دعم النظام المصري ماديا وسياسيا وقانونيا، وتبدأ بالإجراءات القانونية الفعالة لمحاسبة النظام المصري على جرائمه التي ارتكبها منذ أن استولى على السلطة في 2013، والتي أهدرت قيمة القانون الدولي وساهمت في زعزعة الأمن والسلم العالميين، خاصة بعدما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم النظام المصري بالمساعدات العسكرية على مدار العشر سنوات الماضية، الأمر الي يعد مشاركة مباشرة من الإدارة الأمريكية في قمع الحريات.