أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الخميس، عن التوقف الكامل لخدمة العلاج الكيماوي الوريدي والمتابعة الطبية لمرضى السرطان، في تطور خطير يزيد من مأساة إنسانية متفاقمة بفعل الحصار والهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر.
وذكرت الوزارة في بيان رسمي أن أكثر من 11 ألف مريض سرطان في القطاع باتوا دون أي علاج أو رعاية صحية مناسبة، في ظل نفاد 64 بالمئة من أدوية السرطان تمامًا، وتعطّل أجهزة التشخيص والمتابعة الطبية.
وأضافت أن إخلاء مستشفى غزة الأوروبي ومركز غزة لعلاج السرطان، جراء القصف الإسرائيلي المتكرر، ضاعف من حدة الوضع الكارثي للمرضى.
وكان مستشفى غزة الأوروبي، وهو المستشفى المرجعي الأساسي لمرضى الأورام في جنوب القطاع، قد خرج عن الخدمة في 15 مايو الجاري، بعد استهدافات متكررة من قوات الاحتلال. وأشارت وزارة الصحة حينها إلى أن هذا التطور حرم المرضى من استكمال البروتوكولات العلاجية، ما أدى إلى تدهور حاد في حالتهم الصحية.
وأكدت الوزارة أن مرضى السرطان في غزة اليوم محاصرون بأوضاع معيشية وصحية ونفسية بالغة السوء، في ظل الإغلاق الكامل للمعابر، ما يمنع خروج ما لا يقل عن 5 آلاف مريض للعلاج الطارئ في الخارج. فيما تقبع مئات الشحنات الدوائية العاجلة على الحدود منذ مارس الماضي، دون إذن بإدخالها.
إن ما يتعرض له مرضى السرطان في غزة ليس مجرد انهيار في النظام الصحي، بل صورة حية من صور الحرب الشاملة على الحياة في القطاع، والتي ترتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية وفق المعايير القانونية والإنسانية. فالإمعان في تدمير المرافق الطبية، ومنع الدواء والغذاء، وفرض حصار مطبق على السكان المدنيين، يعد استهدافًا ممنهجًا لبقاء الناس أصلًا، لا مجرد مخالفة لقوانين الحرب.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يعيش سكان غزة تحت وابل من الغارات والقيود التي أودت بحياة ما يزيد على 177 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض. فيما دُمرت البنية التحتية المدنية بالكامل، وأصبح أكثر من 1.5 مليون إنسان بلا مأوى، في كارثة إنسانية توصف بوضوح بأنها سياسة تجويع منهجي ترتكبها سلطات الاحتلال مع سبق الإصرار.
إن الوضع الحالي لا يدع مجالًا للحياد الأخلاقي أو التردد الإنساني. فحرمان آلاف المرضى من العلاج، في ظل غياب أي بدائل؛ هو جريمة لا تسقط بالتقادم، تُرتكب بحق شعب محاصر منذ 18 عامًا، ويُمنع من أبسط حقوقه في الحياة والكرامة والعلاج.