عبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن قلقها من توقيف نائبين برلمانيين تونسيين من المعارضين لقرارات قيس سعيد الأخيرة، مؤكدة أن تلك الممارسات إشارة سلبية تثير المخاوف من تحول تونس إلى ديكتاتورية شمولية جديدة تقمع حرية الرأي والتعبير، وتسعى لفرض الصوت الواحد.
وكانت قوات أمن تونسية بزي مدني سموا أنفسهم بالأمن الرئاسي، قد اعتقلوا النائب عن قائمة “أمل وعمل” (مستقلة) البرلمانية الجمعة 30 يوليو/ تموز الماضي، ياسين العياري بطريقة عنيفة -بحسب زوجته- دون التعريف عن سبب اعتقاله أو إظهار هويتم أو إذن قضائي بذلك، لتعلن النيابة العسكرية في وقت لاحق أنه أودع السجن، لتنفيذ حكم قضائي “عسكري” بحبسه شهرين صدر في 6 ديسمبر/كانون الأول 2018.
وفي ذات اليوم اعتقلت قوات الأمن النائب ماهر زيد -من ائتلاف الكرامة المعارض لقرارات سعيد- على خلفية قضية وقعت تسويتها منذ عام 2018، إذ كان محكوما عليه غيابيا بالسجن عامين بتهمة “إهانة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي”، قبل أن يفرج عنه لاحقا بعد 24 ساعة تقريبا، وفور إخلاء سبيله قامت وحدات من إدارة الشرطة العدلية بالقرجاني بتوقيفه مجددا بمقتضى إنابة قضائية عسكرية، وصرحت محاميته لوسائل إعلام أن زيد فوجئ أثناء مغادرته مع فريق الدفاع بفرقة أمنية تحاول إيقافه من جديد دون الاستظهار ببطاقة جلب أو التصريح عن الجهة المطلوب لديها والتهمة الموجهة إليه.
كما صرح أحد محاميي زيد لوسائل إعلام أن زيد الآن في فرقة مكافحة الإجرام وأن المحكمة فتحت خصيصا في منتصف الليل لتلقى شكاية بحق زيد على خلفية حادثة وقعت في شهر مارس/ آذار الماضي، ولم يكن لزيد أي دور في تلك الحادثة.
وأكدت المنظمة أن ملاحقة نواب عارضوا قرارات قيس سعيد عبر القضاء العسكري في دعاوى قديمة أو جديدة هو انتهاك جسيم لحقوق الإنسان بغض النظر عن الملاحقين بتلك الدعاوى، فلا يمكن بحال قبول محاكمة المدنيين إلا أمام قاضيهم الطبيعي، ويزيد من مستوى هذا الانتهاك الإجراءات الأمنية المخالفة للقانون التي رافقت عمليات الاعتقال.
وشددت المنظمة على أن إطلاق يد الأجهزة الأمنية وتجاهل خرقها للقانون، واستخدام القضاء في ملاحقة نواب معارضين لقرارات الرئيس، ولا يمكن أن يكون أبدا حلا للأزمة التونسية، ولن يصب إلا في صالح تأجيج الخلاف السياسي، وتقليص فرص الحوار الوطني.
ودعت المنظمة الرئاسة التونسية إلى التحلي بالمسؤولية، واحترام حرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان، ووقف محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وضمان التزام أجهزة الأمن التونسية بالقانون دون أي تجاوز ومحاسبة المخالفين.
وطالبت المنظمة القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التونسية إلى الدفاع عن سيادة القانون، وحماية المسار الديمقراطي ورفض كافة انتهاكات حقوق الإنسان تحت أي مبرر، ورفض استخدام القضاء والأجهزة الأمنية في تصفية الحسابات السياسية، بما يقضي على كافة المكتسبات التي حققها الشعب التونسي في ثورته على نظام بن علي، وتفتح الباب واسعاً لقوى عديدة متربصة للقضاء على آخر معقل مضيء للربيع العربي.