نُقل عدد من السجناء السياسيين المعارضين في تونس مؤخرا إلى سجون بعيدة عن العاصمة دون إشعار مسبق، في خطوة قمعية تزيد من التضييق على المحتجزين، وتعقد إمكانية زيارتهم والدفاع عنهم.
فقد تم نقل ما لا يقل عن سبعة سجناء سياسيين، بينهم المعارضان المعروفان عصام الشابي ورضا بلحاج، من سجن المرناقية قرب العاصمة تونس إلى سجون تقع على بعد أكثر من ساعة من العاصمة، منها سجن برج الرومي قرب بنزرت، وسجن سليانة في الوسط الغربي.
وجرى هذا النقل بشكل مفاجئ وبدون إبلاغ ذويهم، ما تسبب في إضعاف الروابط الأسرية وتقليص فرص الزيارات الأسبوعية التي تعد مصدر دعم نفسي ومادي للمعتقلين، خصوصاً مع إمكانية تقديم الطعام والاحتياجات الأساسية خلال هذه الزيارات.
ويعتبر نقل السجناء إلى سجون بعيدة ممارسة تضييقية تهدف إلى عزلهم عن محيطهم الاجتماعي والقانوني، مما يزيد من معاناتهم ويحد من إمكانية الدفاع عنهم، في ظل ظروف احتجاز تفتقر غالباً للحد الأدنى من كرامة السجناء. فيما تتسم بعض هذه السجون، مثل برج الرومي، بسجل سيء يشير إلى ظروف احتجاز قاسية ومزدحمة تفتقر للخصوصية والإنسانية.
وقد تم الحكم على هؤلاء السجناء في محاكمة اعتُبرت استثنائية، بتهم “التآمر ضد أمن الدولة”، بأحكام مجحفة وصلت إلى 74 عاماً في السجن، في سياق اتساع حملات القمع التي تستهدف الأصوات المعارضة والتي يُنظر إليها على أنها محاولة لترهيب كل من يعبر عن رفضه للوضع القائم.
كما أن عمليات النقل أُجريت بالقوة في بعض الحالات، ما يعكس طبيعة العقوبات التي لا تقتصر على السجن فقط، بل تشمل إجراءات إضافية تهدف إلى إذلالهم ومعاقبتهم نفسياً.
ويشير هذا الوضع إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الأساسية، منها حق المعتقل في معاملة إنسانية، وحقه في التواصل مع عائلته ومحاميه، فضلاً عن الحق في محاكمة عادلة وشفافة، إذ تشكل سياسة النقل المفاجئ إلى سجون بعيدة محاولة واضحة لكسر إرادة المعتقلين وعائلاتهم، وإعاقة وصولهم إلى الدعم القانوني والاجتماعي، ما يزيد من العزلة النفسية والجسدية.
ويُعتبر ضمان حقوق المعتقلين السياسيين، بما في ذلك احترام كرامتهم، وحقهم في الاتصال بعائلاتهم ومحاميهم، ركيزة أساسية لأي نظام قضائي عادل وشفاف. إلا أن استمرار هذه الممارسات القمعية، في ظل ضعف المؤسسات المستقلة، يعكس حالة من الانحدار الحقوقي تضع تونس أمام تحديات جسيمة في استعادة ثقة المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان.
وفي ظل هذه الظروف؛ تبقى مطالب المجتمع المدني والتظاهر السلمي المطالب بحقوق المعتقلين السياسيين، ووقف سياسة التهميش والعزل، ضرورة ملحة لإنقاذ ما تبقى من مكتسبات الحرية والديمقراطية في تونس.