تشهد البلدات الفلسطينية داخل أراضي 1948 تصاعداً غير مسبوق في جرائم القتل، حيث أصبح إطلاق النار والاغتيالات أمراً شبه يومي، في ظل غياب أي إجراءات جادة من قبل شرطة الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة هذه الظاهرة.
وآخر هذه الجرائم؛ مقتل الشاب علاء طوافرة (18 عاماً) داخل منزله في بلدة وادي الحمام قرب طبرية، ليضاف إلى قائمة الضحايا الذين تجاوز عددهم 38 منذ بداية العام 2025، بينهم امرأتان وثلاثة شبان قتلوا برصاص الشرطة.
وفي الوقت الذي يدّعي فيه الاحتلال مواجهة العنف؛ تكشف الأرقام عن إهمال متعمد وتواطؤ واضح مع عصابات الإجرام التي تنشط بحرية في المجتمع الفلسطيني داخل أراضي 48. ففي العام الماضي، بلغ عدد جرائم القتل 221 جريمة، فيما شهد عام 2023 تسجيل 222 جريمة، وهو معدل غير مسبوق يشير إلى أزمة حقيقية لا يمكن فصلها عن سياسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين في الداخل.
ويُجمع المراقبون والحقوقيون على أن تفشي الجريمة في المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر ليس مجرد ظاهرة جنائية، بل هو جزء من استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تفكيك المجتمع الفلسطيني وزعزعة بنيته الداخلية.
ويؤكد رئيس بلدية اللد، يائير ريفيفو، أن هناك مخططاً متعمداً لتقليص أعداد الفلسطينيين من خلال إشعال العنف الداخلي، قائلاً إن “إسرائيل قررت تنفيذ خطة ترمب ولكن بشكل مطور: تقليص عدد السكان العرب، وبدلاً من التهجير المباشر الذي يسبب الكثير من الصداع، نسمح لهم بقتل بعضهم البعض، وبهذه الطريقة نتخلص منهم”.
هذا التصريح الخطير، وإن كان صادماً، إلا أنه يتماشى مع ما يعيشه الفلسطينيون يومياً؛ إذ يُقتل المئات سنوياً دون أن تحرّك الشرطة ساكناً، بل على العكس، في كثير من الأحيان يُتهم عناصر الأمن بالتواطؤ مع العصابات أو حتى تغطيتها.
ووفقاً للقانون الدولي؛ فإن على أي دولة مسؤولية حماية جميع سكانها دون تمييز، لكن في الحالة الإسرائيلية، يظهر بشكل واضح التمييز العنصري في التعامل مع الجريمة. فعندما تقع جرائم داخل الأحياء اليهودية، تتحرك أجهزة الأمن بسرعة فائقة، وتتم الملاحقة والاعتقالات خلال ساعات، بينما تُترك الجرائم في المجتمع الفلسطيني دون تحقيقات حقيقية، ما يسمح بانتشار العصابات وتوسيع نفوذها.
ووفقاً لمصادر حقوقية، فإن نسبة القضايا التي يتم حلّها في الجرائم المرتكبة داخل المجتمع الفلسطيني لا تتجاوز 20%، مقارنة بأكثر من 70% في الأحياء اليهودية، مما يعكس سياسة واضحة لترك الفلسطينيين لمصيرهم في مواجهة دوامة عنف ممنهجة.
ولا يمكن فصل هذه الجرائم عن سياسات التمييز والتهميش التي تمارسها سلطات الاحتلال منذ عقود بحق الفلسطينيين داخل أراضي 48، بدءاً من التمييز في التخطيط والبناء، وحرمانهم من الموارد، وصولاً إلى التضييق على المؤسسات الأهلية والمدنية التي تحاول التصدي لهذه الأزمة.
وفي ظل غياب أي إجراءات فعلية من قبل سلطات الاحتلال لوقف نزيف الدم في المجتمع الفلسطيني داخل أراضي 48، يستمر تفشي الجريمة كأداة لتفكيك النسيج الاجتماعي، وسط تواطؤ ممنهج يرسخ سياسة الإهمال والتهميش، ما يؤدي إلى مزيد من الضحايا والمعاناة.