في مشهد بات مألوفاً منذ أشهر؛ تتكرر صور المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، حيث لم يعد الأطفال والنساء في مأمن حتى داخل خيام النزوح.
ومع استمرار الحرب وتدهور الوضع الإنساني؛ تتصاعد التحذيرات الحقوقية من أن ما يجري لم يعد يُصنّف مجرد هجوم عسكري، بل يرتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية المنظمة، في ظل عجز دولي متواصل وصمت مؤسسات يفترض أنها أنشئت لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
وقال المدير العام لوزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البرش، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تتعمد استهداف خيام النازحين، مؤكداً أن “قتل الأطفال يجري بشكل مباشر”، في مشهد يعكس نمطاً متكرراً من الجرائم الممنهجة ضد المدنيين.
وأضاف البرش أن “نسبة الحروق التي تصل إلى المستشفيات مرتفعة بشكل غير مسبوق، وهو ما يشير إلى استخدام الاحتلال لأسلحة فتاكة ومحظورة دولياً”.
وأشار إلى أن الوضع الصحي في القطاع انهار كلياً بفعل تدمير المستشفيات وإخراجها عن الخدمة، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المرافق الصحية والعاملين في المجال الطبي.
من جانبه، صرح الدكتور فادي المدهون، المدير الطبي لمنظمة “أطباء بلا حدود” في غزة، أن أكثر من 50 ألف مريض وجريح بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة، مشدداً على أن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية يعرّض حياة آلاف المرضى، وخصوصاً الأطفال، للخطر الفوري.
وأضاف أن “سوء التغذية بلغ مستويات حرجة لدى الأطفال”، نتيجة الحصار ومنع دخول المساعدات الغذائية، وهو ما يرقى إلى جريمة حرب باستخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة على غزة، والذي أودى بحياة أكثر من 168 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.
إن استخدام الاحتلال لأساليب ممنهجة في القتل والتدمير والتجويع، تصنّف ضمن “أركان جريمة الإبادة الجماعية” حسب اتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها لعام 1948.
كما أن استهداف المناطق المأهولة، والمرافق الطبية، وعرقلة وصول المساعدات، واستمرار الحصار، تشكل خروقات جسيمة لاتفاقيات جنيف، وتضع مسؤولية قانونية مباشرة على الاحتلال، وعلى الدول الداعمة له عسكرياً وسياسياً، في مقدمتها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، بوصفهم شركاء في الجريمة عبر التمويل والتغطية السياسية.
وكان الاحتلال قد استأنف فجر 18 آذار/مارس 2025، حرب الإبادة على غزة بعد شهرين من التهدئة، بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيّز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير. ورغم الاتفاق، فإن الاحتلال واصل خرق بنوده طيلة فترة التهدئة، مستهدفاً المدنيين ومصادر البنية التحتية، في ظل غياب آليات دولية فاعلة للمساءلة أو حتى الضغط لوقف الجرائم المتواصلة.