منذ الثالث من يوليو/تموز 2013، وحتى الثالث من يوليو/تموز 2016 والنظام المصري ينتهج سياسية قمعية بحق المعارضين بصورة مستمرة ومتصاعدة، وبحسب عملية الرصد لحالات القتل خارج إطار القانون فقد بلغ عدد القتلى خلال فترة رصد هذا التقرير منذ الثالث من يوليو/تموز 2013 وحتى الثالث من يوليو/تموز للعام الجاري 2816 شخصاً.
سقط هذا الكم من القتلى في مختلف المحافظات المصرية عدا سيناء ، من بين هؤلاء الأشخاص سقط 2229 على الأقل جراء العنف الأمني واستخدام الجيش والشرطة المصرية القوة المميتة في مواجهة مسيرات وتجمعات السلمية، و496 شخصا قضوا داخل مقار الإحتجاز، سواء بسبب الإهمال الطبي وسوء أوضاع الإحتجاز أو التعذيب، و84 شخصاً جراء عمليات التصفية الجسدية المباشرة التي قامت بها القوات الأمنية أثناء عمليات ضبطهم، أو قام بها بعض أفراد الأمن بعد نشوب مشادات كلامية بينهم وبين أحد المواطنين.
بالإضافة إلى من تم إعدامهم خارج إطار القانون، والذين بلغ عددهم 7 أشخاص، حيث تم تنفيذ حكم الإعدام الأول بحق محمود رمضان عبد النبي في قضية جنائية مدنية بتاريخ 7 مارس/آذار 2015، بينما تم تنفيذ الحكم الثاني على 6 أشخاص في القضية العسكرية المعروفة إعلاميا بقضية عرب شركس بتاريخ 17 مايو/أيار 2015.
وبالإضافة إلى ما سبق فقد تعرض 56 شخصا للقتل في ظروف ملتبسة دون أن تتوافر أي أدلة يمكن من خلالها الوقوف على طبيعة تلك الوقائع، في الفترة من أول يناير/كانون الثاني 2015 وحتى الآن، حيث ادعت الداخلية كالعادة وفاتهم أثناء تنفيذهم لبعض العمليات الإرهابية، في حين أكد ذوو أولئك القتلى أو شهود عيان أن القوات الأمنية قامت بتصفيتهم بعد اعتقالهم وتعريضهم للإختفاء القسري، وفي ظل امتهان وزارة الداخلية لعمليات التصفية الجسدية، تظل هذه الوقائع بحاجة إلى استقصاء وتحري محايد للوقوف على حقيقة ما حدث، كي لا تمر جريمة بهذه الخطورة دون تحقيق أو محاسبه لمرتكبها.
وخلال الثلاث سنوات المذكورة بلغ عدد الذين تعرضوا للإعتقال التعسفي على خلفية قضايا معارضة للسلطات في كافة المحافظات المصرية عدا سيناء 55296 شخصاً على الأقل، حيث اعتقل 24320 شخصاً في الفترة من 3 يوليو/تموز 2013 وحتى نهاية ذلك العام، بينما اعتقل 10046 شخصاً عام 2014، واعتقل 17840 شخصاً عام 2015، ومنذ بداية عام 2016 وحتى 3 يوليو/تموز 2016 تم رصد اعتقال 3090 شخصاً.
من بين أولئك المعتقلين بلغ عدد القصر 992 قاصراً، بينما بلغ عدد النساء 513 امرأة، منهم 40 امرأة لازلن رهن الإعتقال حتى الآن، حيث تم اعتقال 160 قاصراً و161 امرأة عام 2013، و445 قاصراً و201 امرأة عام 2014، و235 قاصراً و73 امرأة عام 2015، ومنذ بداية العام الجاري وحتى 3 يوليو/تموز 2016 اعتقل 152 قاصراً و80 امرأة.
وفق عملية رصد كمي مستمرة لنتاج جلسات محاكمات المعتقلين على خلفية القضايا المتعلقة بمعارضة السلطات بعد الثاث من يوليو/تموز 2013 وحتى الآن، فقد تم الحكم في 1724 قضية معارضة للسلطات أمام دوائر جنح وجنايات مدنية وعسكرية، حيث تم الحكم في 1593 قضية مدنية، بينما تم الحكم في 131 قضية عسكرية، حيث حكم في 4 قضايا مدنية عام 2013، و638 قضية مدنية عام 2014، و580 قضية مدنية عام 2015، و371 قضية مدنية العام الجاري، بينما تم الحكم في 6 قضايا عسكرية عام 2014، و80 قضية عسكرية عام 2015، و45 قضية عسكرية العام الجاري.
وبلغ عدد الأشخاص الذين شملتهم تلك المحاكمات 22224 شخصاً، منهم 595 قاصر، وقد تم تبرئة 6047 من هؤلاء المحكومين، أي 37.4% من إجمالي عددهم الكلي، بينما حُكم على 16177 بأحكام إدانة مختلفة، أي بنسبة 62.6%.
ومن بين الأحكام القضائية المذكورة، فقد حٌكم بالسجن المؤبد على 3889 شخصاً أي بنسبة 24.2% من إجمالي أحكام الإدانة، وحكم بالسجن المشدد أكثر من 5 سنوات على 2998 شخصاً أي بنسبة 19% من إجمالي أحكام الإدانة، وحكم بالسجن من 3 سنوات وحتى 5 سنوات على 3187 أي بنسبة 20% من إجمالي احكام الإدانة، وحكم بالحبس من شهر وحتى أقل من 3 سنوات على 4533 شخصاً أي بنسبة 28% من إجمالي احكام الإدانة، بينما تم الحكم بالغرامة المالية بمبالغ تراوحت بين ألف جنيهاً و100 ألف جنيهاً على 543 شخصاً أي بنسبة 3.8% من إجمالي أحكام الإدانة، وحكم على 23 شخصاً بأحكام أخرى بلغت نسبتها 0.5% من إجمالي أحكام الإدانة، بالإضافة إلى التصديق على الحكم بإعدام 734 شخصاً أي بنسبة 4.5% من إجمالي احكام الإدانة.
من جهة أخرى فقد صدرت العديد من القرارات الحكومية والرئاسية بعد انقلاب يوليو/تموز 2013 في مصر، بتخصيص مئات الأفدنة والأراضي لبناء العديد من السجون الجديدة، والتي تم افتتاح بعضها بالفعل، وذلك لاستيعاب التكدس الذي تعاني منه كافة مقار الاحتجاز المصرية، كما برره مساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان في يونيو/حزيران 2015، وبلغ عدد السجون والليمانات التي تم افتتاحها أو صدر قرارات بإنشائها في تلك الفترة 14 سجناً.
ولغرض طمس الحقيقة استهدف النظام الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة دون توقف منذ الثالث من يوليو 2013 حيث أغلق النظام المصري العديد من القنوات الفضائية والصحف، وأوقف العديد من الإعلاميين والكتاب عن الكتابة والنشر، وقام بترحيل عدد من الصحفيين واقتحم نقابة الصحفيين واختطف صحفيين لجأوا إليها ولفق تهما مفبركه لنقيب الصحفيين ،كما تعرض 18 صحفيا للقتل،واعتقل أكثرمن مائتين لايزال 89 منهم في السجون، وفي محاكمات لم تتحلى بالمعايير الدنيا للمحاكمة العادلة حكم على ثلاثة صحفيين بالإعدام وعلى عدد آخر بالسجن فترات متفاوتة،والبعض لايزال ينتظر المحاكمة.
وفي سيناء حيث يشن الجيش المصري عملية عسكرية أشبه بالحروب النظامية وباستخدام الأسلحة الأكثر فتكا، وتأتي تلك العملية خارج أي طار للمراقبة أو المحاسبة القانونية، فقد تم رصد حصر كمي لآثار عمليات الجيش الأمنية في سيناء خلال فترة التقرير، ووفق عملية رصد كمي لكافة التصريحات والبيانات الرسمية الصادرة عن القوات المسلحة المصرية، وما تم رصده من قبل نشطاء ذوي مصداقية فقد بلغ عدد القتلى من المدنيين 2826، منهم 2434 شخصا قتلوا نتيجة مواجهات أمنية بحسب رواية الجيش المصري، والبقية والبالغ عددهم 392 قتلوا بصورة عشوائية باعتراف السلطات المصرية.
أما عدد المعتقلين في سيناء منذ الثاث من يوليو/تموز 2013 وحتى الآن، فقد بلغ 6092 شخصا، منهم 2491 أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية أنهم مطلوبون أمنياً، بينما اعتقل 3601 شخصاً بدعوى الاشتباه.
ولم تسلم الممتلكات الخاصة بأهل سيناء من منازل ومزارع وعربات ودراجات بخارية من التدمير والتخريب دون فتح تحقيق واحد في تلك العمليات، ودون تعويض للمتضررين، حيث تم الإعلان عن حرق 2150 دراجة بخارية و1005 عربة، كما تم الإعلان عن حرق 104 مزرعة، و2233 عشة.
هذا بالإضافة إلى تدمير 3499 منزلاً على الأقل، حيث أعلن المتحدث العسكري عن حرق وتدمير 398 منزلاً أثناء عمليات قصف، بالإضافة إلى قيام الحكومة المصرية بإصدار قرارات بإخلاء الشريط الحدودي مع قطاع غزة، وذلك بتهجير سكان تلك المنطقة من منازلهم وهدمها، تمهيدا لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع غزة، والتي تم تنفيذ ثلاث مراحل منها بالفعل، دُمر خلالها أكثر من 3101 منزلأ وتم تشريد أكثر من 4500 عائلة (متوسط عدد أفراد الأسرة 5-7 أفراد).
في الفترة من أول يناير/كانون الثاني 2015 وحتى الثالث من يوليو/ تموز 2016 الجاري قامت المنظمة بإرسال أكثر من 640 بلاغاً لجهات رسمية في مصر حول حالات تعرضت لانتهاكات من قبل الجهات الأمنية في مصر، حيث قامت المنظمة بإرسال تلك البلاغات إلى قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، ومكتب رئاسة الجمهورية، ومكتب رئيس الوزراء، والمجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر، وطالبتهم فيها بفتح تحقيقات نزيهة وشفافة حول تعرض عشرات المعتقلين لانتهاكات داخل السجون والأقسام وأماكن التوقيف وإحالة المسؤولين عنها للمساءلة القانونية، إلا أن استجابة السلطات لهذه البلاغات كانت هزيلة للغاية حيث لم يفتح تحقيقاً واحداً في أي من هذه البلاغات، مما يعطي إشارة واضحة على أن هذه الانتهاكات المنتشرة ليست مجرد ممارسات فردية من قبل أفراد بعينهم داخل الأجهزة الأمنية بل نتيجة إرادة كاملة من السلطات المصرية في ظل تواطؤ كامل من الجهات القضائية والنيابة العامة.
وثبت من خلال واقع رصد انتهاكات السلطات المصرية لحقوق الإنسان خلال الثلاث سنوات الأخيرة، أن منظومة حقوق الإنسان في مصر تعاني من انحدار مستمر وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
هذا الكم المفزع من الإنتهاكات واستمرار النظام المصري على ذات النهج القمعي والإهدار الكامل لحقوق الإنسان، وتوافر معلومات موثقة لدى السلطات المصرية من خلال عشرات التقارير والبيانات الحقوقية، بالإضافة إلى عشرات البلاغات المقدمة لتلك السلطات حول حالات محددة مورس بحقها تلك الإنتهاكات، واستهداف كل هذه الكم من المعارضين وممارسة كافة أنواع الجرائم بحقهم يرقى بتصنيف تلك الجرائم إلى جرائم دولية تستدعي تشكيل لجنة أممية للوقوف على هذه الجرائم وتقديم المسؤولين عنها للمحاسبة.