في ظل استمرار الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 21 شهراً؛ كشف تقرير أممي حديث عن أن كافة الفلسطينيين في القطاع، دون استثناء، باتوا يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية المسجلة عالمياً.
وأكد التقرير الصادر عن خمس من وكالات الأمم المتحدة، من بينها منظمة الأغذية والزراعة (فاو) ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي، أن 100 بالمئة من سكان قطاع غزة يعانون من الجوع الحاد، مشيراً إلى أن ما يقرب من مليون و106 آلاف شخص عانوا خلال عام 2024 من المستوى الخامس (الكارثي) على مقياس التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو أعلى رقم يُسجل في أي منطقة منذ بدء استخدام هذا المقياس.
وللمقارنة؛ كان عدد من وصلوا إلى هذا المستوى في غزة بنهاية عام 2023 يبلغ حوالي 576 ألفاً فقط، ما يكشف عن تسارع مروع في تدهور الوضع الغذائي خلال بضعة أشهر فقط، نتيجة الحصار الممنهج والهجمات المتواصلة التي تمنع إيصال المساعدات وتحول كل محاولة للبقاء إلى مغامرة مميتة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يتعرض قطاع غزة لحرب إبادة شاملة تشمل القتل والتدمير والتجويع، حيث عمد الاحتلال إلى إغلاق المعابر بشكل كامل أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، لا سيما اعتباراً من 2 مارس/ آذار الماضي.
وتسبب هذا الخنق المتعمد للأرض المحاصرة في تفشي المجاعة بشكل كارثي، وأزهق أرواح العشرات، خاصة من الأطفال.
ووفقاً لبيانات وزارة الصحة في غزة، فإن عدد قتلى المجاعة وسوء التغذية وصل حتى أمس الاثنين إلى 147 شخصاً، من بينهم 88 طفلاً، وهي أرقام تعكس الجانب الأشد إيلاماً من الجريمة: موت الأطفال جوعاً في صمت، بينما العالم يشاهد.
ولا يُعد ما يحدث في غزة مجرد أزمة إنسانية طارئة، بل هو جريمة تجويع ممنهجة تقع ضمن إطار الإبادة الجماعية التي يديرها الاحتلال الإسرائيلي بدعم سياسي وعسكري أمريكي، حيث قُتل وجُرح خلالها أكثر من 205 آلاف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وما يزال الآلاف في عداد المفقودين، في حين تزداد معاناة مئات الآلاف من النازحين الذين حوصروا بالجوع والقصف واليأس.
ورغم التحذيرات والتقارير الصادرة عن أعلى الهيئات الدولية، لا تزال آلة الحرب والحصار تعمل بلا هوادة، في ظل عجز مطبق للمنظومة الأممية عن فرض الحد الأدنى من الحماية، أو حتى إيصال الغذاء إلى الأطفال.