كشفت صحيفة “المكان” الإسرائيلية في 15 فبراير/شباط 2025 عن تفاصيل صادمة حول استخدام جيش الاحتلال إجراءً عسكريًا ممنهجًا يُعرف باسم “بروتوكل البعوض”، والذي يقوم خلاله الجنود بإجبار الفلسطينيين على العمل كدروع بشرية أثناء العمليات العسكرية في قطاع غزة.
وبحسب شهادات لجنود إسرائيليين، فقد تم إجبار رجل فلسطيني مسن يبلغ من العمر 80 عامًا على السير في مقدمة القوات الإسرائيلية خلال اقتحام حي الزيتون جنوب مدينة غزة، بينما كانت زوجته تحتجز داخل المنزل تحت حراسة عسكرية. وأوضح الجنود أن القادة الميدانيين قرروا استخدام الرجل ضمن “بروتوكول البعوض”، حيث تم تقييده بحبل متفجر مربوط برقبته كإجراء لضمان عدم فراره.
ونقل أحد الجنود عن زملائه قولهم إن الرجل المسن أُجبر على دخول كل منزل قبل الجنود، بحيث إذا وُجد أي لغم أو مسلح داخل المنازل، يكون هو الضحية الأولى. وأوضح الجندي أن الجنود أخبروه أنه إذا قام بأي حركة غير مرغوبة أو لم يتصرف وفق أوامرهم، فسيتم سحب الحبل، مما يؤدي إلى تفجير رأسه فورًا.
بعد مرور ثماني ساعات من إجباره على العمل كدرع بشري، أُعيد الرجل إلى منزله، وأُمر هو وزوجته بالمغادرة سيرًا على الأقدام نحو الجنوب باتجاه “الممر الإنساني”. ومع ذلك، لم تُبلَّغ الوحدات الإسرائيلية الأخرى المنتشرة في المنطقة بوجودهما، وعند اقترابهما من إحدى النقاط العسكرية، أطلقت القوات النار عليهما مباشرة، ما أدى إلى مقتلهما على الفور في الشارع.
جريمة حرب ممنهجة
يُعد “بروتوكول البعوض” أحد الأساليب التي يعتمدها جيش الاحتلال بشكل غير رسمي، والتي تتضمن إجبار المدنيين الفلسطينيين على تنفيذ مهام عسكرية خطرة، مثل دخول المنازل المشتبه بها أو السير أمام القوات الإسرائيلية. ورغم أن الجيش الإسرائيلي ينكر رسميًا وجود هذا الإجراء، إلا أن شهادات الجنود الذين خدموا في غزة تؤكد أنه يُمارس بشكل منتظم في العمليات العسكرية.
في أغسطس 2024، نشرت صحيفة “هآرتس” تحقيقًا كشف فيه جنود من لواء “نحال” عن حوادث مماثلة استخدم فيها الاحتلال مدنيين فلسطينيين في مهام عسكرية خطرة، تحت تهديد السلاح. وفي إحدى الحالات، أُجبر فلسطيني على البقاء مع الجنود داخل مبنى عسكري قبل أن يُقتل لاحقًا برصاص قائد لم يكن على علم بوجوده، وقد أصبح هذا الإجراء الإجرامي ممارسة معتادة داخل الجيش الإسرائيلي، يتم تنفيذها بأوامر مباشرة من القادة الميدانيين، بينما تنفي القيادة العليا وجودها رسميًا لطمس معالم الجريمة.
إن استخدام المدنيين كدروع بشرية هو جريمة حرب وفقًا لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، حيث تحظر المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف أي استخدام للمدنيين لحماية أهداف عسكرية. كما أن المحكمة الجنائية الدولية سبق أن صنفت هذه الممارسات كجرائم ضد الإنسانية، ما يجعل المسؤولين الإسرائيليين تحت طائلة المساءلة الجنائية الدولية عنها.
يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات فورية لمحاسبة قادة الاحتلال المتورطين في استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، والتعامل مع “بروتوكول البعوض” كسياسة ممنهجة تستوجب المساءلة القانونية. كما ينبغي فتح تحقيقات دولية مستقلة في هذه الجرائم، وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العدالة.