الحقوقيون يدعون أعضاء مجلس حقوق الانسان للضغط على الحكومة السعودية لإطلاق سراح النشطاء
الحقوقيون يدعون لاستخدام الآليات الدولية المتاحة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا الثلاثاء 18/09/2018 ندوة على هامش انعقاد الدورة 39 لمجلس حقوق الانسان في جنيف بعنوان “تحت ستار الإصلاح: اعتقالات تعسفية وانتهاكات لحقوق الإنسان في السعودية”
أدار الجلسة المحامي أيدن ألس الذي استهلها بالقول “مجلس حقوق الإنسان يستعد لمراجعة ملف حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018، وهذه المراجعة يجب أن تأخذ بالاعتبار كافة التقارير التي تتحدث عن الاعتقالات التعسفية والمعاملة الغير انسانية والإهمال الطبي والتعذيب”.
وأضاف إيدن “كنت مساعداً للمدعي العام البريطاني السابق اللورد ماكدونالد والمحامي رودني ديكسون في إعداد تقرير حول الاعتقال التعسفي في بداية هذا العام حيث كان عدد المعتقلين 61، وهؤلاء لم يعتقلوا في فنادق خمس نجوم بتهم الفساد، بل اعتقلوا لأنهم نشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ومنعوا من التواصل مع أهلهم أو محاميهم وحرموا من المحاكمة العادلة وتعرضوا للإهمال الطبي”.
وضرب ألس مثالاً على أحد المعتقلين وهو الشيخ سلمان العودة الذي اعتقل في سبتمبر/أيلول 2017 وحرم من حقوقه الأساسية وفجأة قبل ثلاث أسابيع قُدم للمحاكمة واتُهم بعدة تهم على أساسها طالب المدعي العام بإعدامه.
وأكد ألس أن استخدام قوانين الاٍرهاب في محاكمة النشطاء وترجمتها بشكل واسع كان هو السبب الرئيس في المحاكمات التعسفية وأشار ألس أنه لا يوجد في السعودية آليه لتقديم شكاوى ولا يوجد مصادر رسمية لاستقاء الأرقام الحقيقية لأعداد المعتقلين والمصادر الوحيدة هي المنظمات الحقوقية الدولية.
وفي كلمتها تحدثت المحامية كلارا جرارد رودركيز عن اعتقال النساء في السعودية حيث لم تكتف الحكومة باعتقالهن بشكل تعسفي وتعريضهن لمختلف أشكال الحط من الكرامة بل قادت الحكومة ومن يواليها من منصات إعلامية حملة لشيطنتهن باعتبارهن خونة للوطن ويهددن أمن الوطن.
وأشارت كلارا أن أحد الناشطات وهي إسراء الغمام التي اعتقلت منذ عام 2015 والمحتجزة في سجن ذهبان شديد الحراسة قدمت لمحاكمة سرية في أغسطس/آب من هذا العام بناء على تهم مفبركة ومن المفترض أن تظهر في أكتوبر/تشرين أول القادم مرة أخرى أمام المحكمة وقد يحكم عليها بالإعدام.
وأشارت كلارا أنه منذ أعلن محمد بن سلمان عن نفسه “مصلحاً” تم إخراس كل صوت معارض له ومن يحاول الاعتراض على سياساته يواجه الاعتقال والمحاكمة.
وشددت كلارا على ضرورة الوقوف بشكل حازم في مواجهة كل ما تقوم به السلطات السعودية من عمليات اعتقال تعسفي ومحاكمات سرية للنشطاء وطالبت أعضاء مجلس حقوق الانسان ممارسة الضغط على الحكومة السعودية لإطلاق سراح النشطاء ووقف المحاكمات التعسفية بحقهم.
بدأت هناء الخمري وهي صحفية سعودية ـ غادرت السعودية بعد العمل في مجال الصحافة من الداخل لفترة طويلة واليوم هي متخصصة في الشأن السعودي والانتهاكات ـ بعبارات قوية معتبرة أن قيام النظام باعتقال وتعذيب المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون من أجل الإصلاح الشامل والمساواة، تُظهر الطبيعة الفاشية “للنظام السعودي الاستبدادي”.
النظام السعودي، في هذا السياق، يلخص بشكل جيد في كلمات الدكتاتور الإيطالي موسوليني: “كل شيء داخل الدولة، لا شيء خارج الدولة، لا شيء ضد الدولة”، بالنظر إلى هذا حتى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن السخط هو – وفقا لهناء – “محفوف بالمخاطر للغاية”.
وأضافت هناء على النقيض من رؤية محمد بن سلمان 2030 وتعهده بالاستماع إلى المواطنين، فإن النظام لا يحتمل سماع أي انتقاد أو الإصغاء لآراء المواطنين عند صياغة أجندة الإصلاح الخاصة به.
بالإضافة إلى ذلك، تلاحظ هناء أن هذا النهج أدى لاحقًا إلى احتجاز الاقتصاديين ونشطاء حقوق الإنسان ورجال الدين، وعمليًا أي شخص يعترض على الوضع الراهن أو يتحدى جدول أعمال الحكومة واستراتيجيتها فمصيره الاعتقال، هناك شعور جماعي داخل المملكة بأنها أصبحت “سجنًا كبيرًا”.
أناند شاه، وهو محام مقيم بالولايات المتحدة له خبرة واسعة في التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، تحدث عن آليات العدالة الدولية التي يمكن استخدامها من أجل محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات في المملكة العربية السعودية على انتهاكهم للقانون الدولي.
أناند في حديثه المطول اعتبر أن السلطات السعودية تقوم بالاعتقالات وفق حمله منهجيه وهذا يتطابق مع تعريف الجريمة ضد الإنسانية الوارد في المادة السابعة من اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، وفقاً للمادة 7 (1) من نظام روما الأساسي حوادث الاحتجاز والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري ليست معزولة وإنما منهجية، تحدث على أساس متكرر وفقا لأناند.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المادة 7 (2) من نظام روما الأساسي، التي تعرّف الهجمات بأنها “مسار سلوك يشمل ارتكاب العديد من الأفعال المشار إليها. . . ضد أي من السكان المدنيين، عملاً بسياسة دولة أو سياسة تنظيمية، لارتكاب مثل هذا الهجوم “يمكن اعتباره” جرائم دولية “بالنظر إلى مدى الأدلة المقدمة ضد المملكة العربية السعودية، وأشار أناند أنه رغم خطورة الجرائم التي ترتكبها السعودية واعتبارها جرائم ضد الإنسانية إلا أن المحكمة لا تستطيع النظر في هذه الجرائم إلا بإحالتها من قبل مجلس الأمن.
وركزت المتحدثة الأخيرة، ليزا ماري رودي، المستشارة القانونية في مؤسسة سيفيتاس ماكسيما المتخصصة في ملاحقة الجرائم الدولية على ملاحقة مرتكبي الانتهاكات وفق مبدأ الولاية القضائية العالمية باعتبارها الآلية القضائية الوحيدة المتاحة أمام الضحايا، وأكدت على ضرورة أن يقوم الضحايا بتوثيق ما حدث لملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم، وأضافت أن أحد الدروس المستفادة من عملها التحلي بالصبر حيث أن هناك حالات يتم معالجتها الآن تعود أحداثها إلى فترة التسعينات.