أصدرت محكمة سعودية حكماً بالسجن لمدة عشرة أعوام بحق المواطن السوداني – البريطاني أحمد علي الدوش (41 عاماً) وذلك بعد نحو ثمانية أشهر من احتجازه دون مذكرة توقيف أو توجيه تهم واضحة في المراحل الأولى من القضية.
وكان الدوش، وهو محلل اقتصادي يعمل لدى إحدى المؤسسات المالية الدولية، قد أوقف في 30 أغسطس 2024 أثناء محاولته مغادرة البلاد عبر مطار الرياض بعد زيارة عائلية قصيرة. وقد تم اقتياده من بوابة الجوازات بشكل مفاجئ، دون إعلامه أو أسرته بسبب التوقيف، فيما أُجبرت زوجته وأطفاله على السفر بدونه، وسط صدمة كبيرة وغموض استمر لأسابيع.
وفي أعقاب اعتقاله؛ أنكرت السلطات أي معرفة بمكان وجوده، مما جعله في حكم “المختفي قسرياً” وفق المعايير الدولية، التي تصنف هذا النوع من الإخفاء على أنه انتهاك جسيم للقانون الدولي، لكونه يحرم المحتجز من الحماية القانونية ويقطع صلته بالعالم الخارجي.
وبعد أكثر من شهرين؛ تبيّن أن الدوش محتجز داخل أحد مراكز التحقيق في مدينة الرياض، وسط ظروف وصفت بالقاسية والمهينة، من بينها احتجازه في زنزانة مكتظة وافتقاره للعلاج رغم معاناته من مشكلات صحية.
وطوال فترة احتجازه؛ خضع أحمد الدوش لسلسلة من جلسات التحقيق التي ركزت على تغريدة قديمة نشرها بشأن الوضع في السودان، إضافة إلى مزاعم عن صلة له بأحد أبناء المعارضين السعوديين المقيمين في الخارج، وهي صلة لم تُثبتها أي دلائل فعلية، ما اعتبره فريق دفاعه دليلاً على الطبيعة الانتقامية للاعتقال، لا سيما في ظل غياب أي مسوغ قانوني معلن لاحتجازه المطول.
وقد وُضع الدوش في الحبس الانفرادي لفترات طويلة، كما مُنع من توكيل محامٍ داخل المملكة خلال الشهور الأولى، في مخالفة صريحة للحق في الدفاع، وهو من المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة كما تنص عليها القوانين الدولية. أما اتصالاته القليلة بعائلته؛ فكانت محكومة برقابة مشددة وقيود كبيرة حالت دون التواصل الإنساني الفعلي بينه وبين أسرته.
وتقول زوجته، التي كانت حاملاً حين اعتُقل، إنها وضعت طفلهما الرابع منذ أشهر دون أن يتمكن من رؤيته أو حتى التواصل معه، ما ضاعف من المعاناة النفسية للعائلة التي لا تزال تجهل تفاصيل كثيرة عن حيثيات الحكم أو الأدلة التي استندت إليها المحكمة.
وشكل الحكم على الدوش صدمة كبيرة لعائلته وممثلي الدفاع، وأثار تساؤلات جدية حول مدى التزام السلطات القضائية في السعودية بمعايير العدالة الجنائية الدولية، إذ إن غياب الشفافية، وعدم علنية المحاكمة، وحرمان المتهم من حقوقه الأساسية أثناء فترة الاحتجاز والتحقيق، كلها مؤشرات تعزز المخاوف من أن القضية لا تستوفي الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة.