شنت السلطات الأردنية خلال الأيام الماضية، بما في ذلك أمس الجمعة، حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من النشطاء والمتظاهرين المناصرين لقطاع غزة، في تصعيد أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والشعبية.
وتركزت الاعتقالات في محيط العاصمة عمان، وفي مناطق متعددة شهدت تحركات احتجاجية سلمية، رفضاً لمجازر الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وتنديداً بالصمت الرسمي العربي تجاهها.
وفي مشهد يتكرر منذ أسابيع؛ واجهت قوات الأمن الأردني آلاف المتظاهرين الذين توافدوا للمشاركة في مسيرة سلمية دعت إليها القوى الوطنية والشعبية تحت شعار “لن نخذلهم.. دعم المقاومة حماية للأردن والأمة”، بقمع عنيف وتضييق واسع، شمل إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الأغوار الحدودية، وتوقيف المركبات على مداخل المحافظات وتفتيشها، ومنع الوصول إلى نقاط التجمع المعلنة مسبقاً، مثل مسجدي أبو عيشة والصحابة.
كما اعتُقل عدد من المصلين بعد خروجهم من المسجد، بينهم قيادات في جبهة العمل الإسلامي، وتعرض آخرون للضرب على أيدي رجال الأمن، في مشهد مثّل انتهاكا صارخا لحق التجمع السلمي وحرية التعبير، المكفولين بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه الأردن.
ويثير تكرار الانتهاكات بحق المتظاهرين السلميين في الأردن قلقاً بالغاً، خاصة مع اتساع رقعة التضييق على الحريات العامة وتكميم الأصوات المناصرة للقضية الفلسطينية، إذ إن مثل هذه الممارسات لا تمثل فقط تعدياً على حقوق الأفراد في التعبير والتجمع السلمي، بل تشكل تهديداً حقيقياً للنسيج الديمقراطي في البلاد وتقويضاً للضمانات الدستورية.
وتقع على الحكومة الأردنية مسؤولية مباشرة في ضمان سلامة المعتقلين وإطلاق سراحهم دون تأخير، مع ضرورة فتح تحقيق جاد وشفاف في ما ورد من شهادات حول الاعتداء الجسدي والتوقيف التعسفي، ومحاسبة كل من تورط في إصدار الأوامر أو تنفيذها بما يتعارض مع القوانين المحلية والمعايير الحقوقية الدولية.