حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” من أن الخطة الإسرائيلية المعلنة لإعادة احتلال مدينة غزة بالكامل ستُخلّف “أثراً إنسانياً مروّعاً” على المدنيين، في وقت يعانون فيه أصلاً من الإنهاك وسوء التغذية والنزوح المتكرر والحرمان من مقومات البقاء على قيد الحياة.
وقال “أوتشا” في بيان، إن نحو 86% من مساحة قطاع غزة باتت خاضعة لأوامر النزوح أو تقع ضمن مناطق السيطرة العسكرية المباشرة، بينما المساحات المتبقية – بما فيها أجزاء من مدينة غزة والساحل الجنوبي – مكتظة وغير مهيأة لتأمين مقومات البقاء لمئات آلاف الأشخاص.
وأضاف المكتب أن الخطة التي أقرتها حكومة الاحتلال في 8 أغسطس/آب الجاري، والرامية لاحتلال المدينة عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويقها وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية، “تُعد وصفة لكارثة إضافية وقد ترقى إلى مرتبة الترحيل القسري”.
وأوضح أن مستشفيات جنوب القطاع “تعمل بطاقة تفوق قدرتها بعدة مرات، ومن شأن استقبال المزيد من المرضى من الشمال أن يرتب عواقب تهدد الحياة”.
وذكر “أوتشا” أنه “منذ مطلع مارس/آذار الماضي، لم يُسمح بإدخال أي من مواد الإيواء، في وقت شهد أكثر من 780 ألف حالة جديدة من حالات النزوح”، مشيراً إلى أن مراكز الإيواء القائمة تشهد تدهوراً أو تُترك بسبب أوامر النزوح المتكررة، ما يجعل الحاجة إلى توفير بدائل جديدة “أمراً بالغ الإلحاح”.
وفي السياق ذاته؛ أشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن القطاع يحتاج يومياً إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان البالغ عددهم 2.4 مليون إنسان، في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية بفعل الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأكد “أوتشا” على وجوب السماح لجميع النازحين بالعودة إلى ديارهم، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء غزة، مع ضرورة إدخال الإمدادات على نطاق واسع عبر جميع المعابر والطرق البرية الممكنة، وتمكين المنظمات الإنسانية – بما فيها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية – من العمل دون عرقلة.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي؛ يُغلق الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعاً دخول أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة حقيقية رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.
وبالتوازي؛ تتواصل الإبادة الإسرائيلية بدعم أمريكي، مخلفة حتى الآن أكثر من 62 ألف قتيل و156 ألف جريح من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين. كما تسببت المجاعة في وفاة 263 شخصاً بينهم 112 طفلاً.
إن المضي في هذه الخطة العسكرية، وما تتضمنه من تهجير قسري وتطويق للمناطق المدنية وتجويع ممنهج، لا يعكس سوى تصميم على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، ويكشف بوضوح أن الهدف يتجاوز العمليات العسكرية ليصل إلى محو الحياة المدنية في القطاع بشكل ممنهج.