في جديد بسياسة العقاب الجماعي ضد سكان قطاع غزة؛ أكدت الأمم المتحدة أن سلطات الاحتلال أبلغتها رسمياً بقرار تقليص عدد شاحنات المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى القطاع إلى النصف، من أصل نحو 600 شاحنة كانت مقررة يومياً وفق تفاهمات وقف إطلاق النار الأخيرة.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، إن وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية أبلغت المنظمة الدولية في رسالة رسمية بقرار تقليص الإمدادات، بذريعة ما سمّته “عودة الجثامين”.
وأكد حق أن الأمم المتحدة “تسعى لإيصال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى المدنيين في غزة”، مطالبة الاحتلال بالالتزام الكامل بتعهداته وبنود اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل تدفق المساعدات وإعادة الجثامين.
ويأتي القرار الجديد في ظل وضع إنساني هو الأسوأ منذ عقود، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع تحت وطأة الحصار الممتد منذ 18 عاماً، وتدمير واسع للبنية التحتية، وانهيار كامل للمنظومة الصحية، ونقصٍ حادٍ في الغذاء والدواء والوقود.
ويمثل تقليص المساعدات انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني، وتحديدا لاتفاقية جنيف الرابعة التي تُلزم القوة القائمة بالاحتلال بتأمين احتياجات السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، وتمنع استخدام الغذاء والدواء كسلاحٍ في النزاعات.
ويعتبر القانون الدولي حرمان السكان من المواد الأساسية عملاً من أعمال الإبادة الجماعية متى كان الهدف منه “إهلاك جماعة بشرية كلياً أو جزئياً” من خلال فرض ظروف معيشية تؤدي إلى تدميرها المادي، كما ورد في المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
ورغم وضوح هذه الانتهاكات؛ لا تزال المنظومة الدولية عاجزة عن محاسبة الاحتلال، في ظل غياب إرادة سياسية لدى الدول الكبرى لتفعيل آليات المساءلة الدولية، ما يشجع الاحتلال على المضي في سياساته، التي لم تعد تقتصر على القتل المباشر، بل تمتد إلى القتل البطيء عبر التجويع والحرمان الممنهج من الحياة الكريمة.