خلال أقل من 24 ساعة، توفي معتقليْن مصريّين نتيجة الإهمال الطبي في السجون المصرية هما المعتقل المصري أحمد مصيلحي والذي تُوُفيَ في سجن جمصة، والمعتقل عادل قاسم في سجن العاشر من رمضان، وهو حدث مكرر يدلل مجددا على استهتار إدارات السجون المصرية بحياة السجناء، وتفشي الإهمال الطبي كأحد أدوات تعذيب المعارضين وقتلهم قتلا بطيئا وسط أوضاع احتجاز لا تتناسب مع المعايير الدنيا لاستعمال البشر.
أحمد مصيلحي البالغ من العمر 41 عاما توفي بعد أن قضى 10 أعوام في سجن جمصة، بينما توفي عادل قاسم البالغ من العمر حوالي 60 عاما في سجن العاشر من رمضان بعد أن قضى أقل من شهر في السجن، وبالرغم من اختلاف السجون واختلاف عمر المعتقلين وظروف الاحتجاز والقضايا، إلا أن مصيرهم كان واحدا، فلا حصلوا على الرعاية الطبية اللازمة لحالاتهم المتأخرة، ولا أُفرج عنهما صحيا كما تنص لائحة تنظيم السجون المصرية.
وتأتي وفاة المعتقليْن بعد أيام قليلة من وفاة المعتقل صهيب سعد عمارة الذي توفي في سجن جمصة أيضا بعد أن قضى محكوميته التي بلغت 10 سنوات وكان يستعد للخروج من السجن، والتي طالبت العديد من الهيئات الحقوقية حينها بإجراء تحقيق حول وفاته إلا أن السلطات المصرية لم تبد أي استجابة كما حدث في مئات حالات الوفاة المشابهة.
تكرار حالات الوفاة جراء الإهمال الطبي في السجون المصرية والتي بلغت 26 حالة خلال عام 2023، لم تقابل بأي إجراء وقائي من قبل مصلحة السجون ليجنب عشرات الآلاف من المحتجزين ذات المصير، ولم يحدث أي تحسين للرعاية الصحية للسجناء، بل على العكس ضاعفت بعد مقار الاحتجاز من معاناة المعتقلين عبر منع الزيارة وتقليص أو منع أوقات التريض خارج زنازينهم المتكدسة.
وبوفاة مصيلحي وقاسم بلغ عدد وفيات السجون المصرية في عهد النظام الحالي 1033 شخصًا على الأقل لأسباب تنوعت ما بين الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب أو ظروف الاحتجاز غير الآدمية التي أسفرت عن مقتل العشرات بسبب التكدس والاختناق في فصول مثل الصيف حيث ارتفاع درجات الحرارة.
على الرغم من الواقع المأسوي، لا يتردد النظام المصري في كل مناسبة ممكنة في التفاخر إعلاميا بحالة السجون التي تتماشى مع المعايير العالمية، وبالإصلاحات التي تجريها السلطات على السجون، لا سيما مع افتتاح عددا كبيرا من السجون كل عام، مما يثير التساؤلات حول دلالة التوسع الكبير في بناء السجون حيث اقترب عدد السجون المصرية من 100 سجنًا أنشئ أكثر من نصفها في عهد عبد الفتاح السيسي، إلا أن ذلك لم ينعكس أبدا على أوضاع المعتقلين التي تزداد سوءا يوما بعد يوم من حيث الاكتظاظ وسوء العناية الطبية وكذلك رداءة الطعام المقدم للمعتقلين.
تجدر الإشارة إلى أن هناك عناية طبية انتقائية توفرها مصلحة السجون المصرية لبعض المساجين من رجال الأعمال، في أحد ملامح الفساد المتفشي في إدارات تلك المقار، في ظل غياب العدالة والمساواة في الحقوق وتفشي المحسوبية والوساطة حتى بين المساجين أنفسهم.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو كافة الهيئات الحقوقية والدولية بالنظر إلى مأساة الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون المصرية والمستمرة منذ وقت طويل، كما تطالب المجتمع الدولي والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام المدافعة عن حقوق الإنسان حول العالم بممارسة أقصى الضغوط السياسية والاقتصادية والقانونية ضد النظام المصري لإنهاء مأساة السجناء المصريين وتمكينهم من الحصول على حقهم في الحرية والعدالة والمعاملة الإنسانية.