كشف المعتقل في سجون الإمارات، الناشط الحقوقي أحمد منصور، أنه لا زال يقبع في سجن انفرادي منذ اعتقاله في 15 مارس/آذار من العام 2017 تحت مراقبة أمنية شديدة، في ظل إجراءات سجنية صعبة منافية لكل قوانين حقوق الإنسان في العالم.
ولفت منصور في رسائل مسربة من السجن، إلى أن التهم الموجهة إليه كانت تسع تهم في البداية؛ تم الإبقاء على ست منها عند الإحالة على القضاء، حيث وجهت له في محاكمات سرية، وتتخلص في التعاون مع منظمة الكرامة لحقوق الإنسان، وإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ينشر فيها معلومات حول ممارسة السلطات الإماراتية للقمع والتنكيل بحق الشعب الإماراتي، وتقديمه لمنظمات حقوقية معلومات غير صحيحة من شأنها الإساءة إلى سمعة وهيبة ومكانة الدولة، وإذاعة بيانات وإشاعات كاذبة ومغرضة من شأنها تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، وادعائه بأن قضاء المحكمة الاتحادية العليا بالإمارات غير عادل، ونشره بالعلن ما جرى في جلسات المحاكمة السرية.
وأكد منصور في رسائله التي كتبها بخط يده، الحكم الصادر بحقه، والقاضي بسجنه لمدة 10 أعوام وتغريمه مليون درهم إماراتي (حوالي 280 ألف دولار) مع وضعه تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ انتهاء العقوبة المقضي بها، بالإضافة لمصادرة أجهزة الاتصالات المستخدمة في الجرائم المضبوطة ومحو العبارات وإغلاق المواقع المستخدمة.
وسجل الناشط الإماراتي المعتقل تفاصيل جلسات المحاكمة التي تعرض لها في محكمة أبو ظبي الاستئنافية الاتحادية أو في المحكمة الاتحادية العليا، وما تعرض له خلالها من صنوف من الانتهاكات، وخصوصا ما يتعلق بظروف سجنه الانفرادي والاتصال الهاتفي بالأقارب والزيارات العائلية، دون تجاوب عملي من قبل القضاة، وعدم حصوله على نسخة من ملف القضية، وعدم التفات المحكمة إلى مذكرة الدفاع التي قدمها بنفسه،
وحول ظروف الاعتقال؛ كشف منصور عن أنه منذ دخوله السجن في 21 آذار (مارس) 2017 وهو محبوس في سجن انفرادي، وأن العزلة كانت أشد قسوة في أول سنتين ونصف، وأنه لا يستطيع التحدث مع أي سجين حتى عن بعد.
وذكر أنه في 14 من كانون أول (ديسمبر) عام 2017، عاد إلى زنزانته من التحقيق متأخراً؛ فتفاجأ أن إدارة السجن دخلت زنزانته وصادرت جميع ملابسه الداخلية والخارجية، وتركت له فقط قميصا رياضيا بعد تقطيع أكمامه الطويلة، كما صادرت المرتبة التي ينام عليها وجميع أدوات النظافة الشخصية من صابون وشامبو ومعجون أسنان ومزيل العرق، كما صادرت جميع المناشف التي يمتلكها وعددها 4، وتركت له واحدة فقط، كما صادرت أيضا الأوراق والأقلام التي بحوزته، قبل أن تقطع عليه أيضا الماء الحار في فصل الشتاء، مشيراً إلى أن هذا الوضع تسبب له بمشاكل صحية كثيرة، منها ارتفاع ضغط الدم، والإصابة بعدة نزلات برد شديدة.
وقال: “بعد صدور الحكم (أو الأصح النطق به) بتاريخ 29 أيار (مايو) 2018 بيومين تم تعليق ورقة على بوابة زنزانتي مكتوب عليها: يمنع منعا باتا من الخروج من الزنزانة إلا في حالة الطوارئ أو أوامر أمنية بمراجعة فرع معلومات الأمن.. يمنع من الاتصال أو الزيارة إلا بموافقة مدير الإدارة أو نائب مدير الإدارة”.
وأكد أن هذه الورقة بقيت على كل زنزانة مر بها حتى تموز (يوليو) 2019، مشيرا إلى أن قرار مصادرة مقتنياته الشخصية كان بسبب رفضه منح أجهزة الأمن الكلمة السرية لحسابه الخاص على تويتر.
ولفت منصور إلى أنه خاض إضرابين عن الطعام دفاعا عن حقوقه كسجين بعد أن فشلت كل الطرق القانونية والطبيعية لذلك، وأنه خاض الإضراب الأول من 17 آذار (مارس) 2019 إلى 10 نيسان (أبريل) 2019، وأنه خسر 8.5 كلغ من وزنه الأصلي، وأن الإضراب الثاني الذي انطلق يوم 17 أيلول (سبتمبر) 2019 وانتهى يوم 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، كلفه خسارة 11.5 كلغ من وزنه الطبيعي.
وأكد أن مطالبه في الإضرابين هي: “الحق في الاتصال الهاتفي أسوة ببقية النزلاء، منحه حق الزيارة الدورية، الحق في زيارة المكتبة، السماح له بممارسة الرياضة والتعرض للشمس، والسماح له بمشاهدة التلفزيون في الزنزانة بالإضافة لمستلزمات أخرى تتصل بمرتبة السرير وأدوات التنظيف وغيرها”.
وأشار إلى أن إدارة السجن ماطلت في تلبية مطالبه، وأنه استطاع تحقيق بعض ما كان يطالب به لكنه عجز عن تحقيق غالبية مطالبه.
وقال: “خلاصة الموضوع أن وضعي تقريبا كما هو قبل الإضرابين عن الطعام، وما زلت في العزل الانفرادي مغلقا علي الباب بشكل دائم ولا يفتح إلا لاستلام الوجبات أو جلب الماء أو الذهاب للعيادة أو استلام مشترياتي أو الذهاب إلى الرياضة ولا يوجد لدي تلفزيون أو راديو ولا كتب ولا جرائد ولا مقص أظافر ولا حذاء رياضي ولا سرير ولا مرتبة نوم، ولا توفر لي أدوات الحلاقة، مع أنه تم التصريح لي بشراء ماكنة حلاقة بعد سنة وتسعة أشهر من دخولي المؤسسة ولم يسمح لي بإدخال نظاراتي الطبية التي كتبها لي الدكتور في السجن والمخصصة للقراءة”.
وكانت السلطات الإماراتية أوقفت أحمد منصور (51 عاما)، في 15 آذار/ مارس 2017، وصدر ضده حكم نهائي بالسجن 10 سنوات، إثر اتهامه بـ”الإساءة لهيبة ومكانة ورموز الإمارات”، جراء دعوة سلمية أطلقها للإصلاح السياسي في بلاده.
وتجدر الإشارة إلى أن منصور ليس الضحية الوحيدة لعدم تسامح السلطات الإماراتية المطلق مع المعارضة، فمنذ 2011 عندما شنّت الإمارات هجوما مستمرا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات؛ فقد وثقت هيئات حقوقية بشكل متكرر مزاعم خطيرة بوقوع انتهاكات على أيدي قوات أمن الدولة ضد المعارضين والنشطاء الذين تحدثوا عن قضايا حقوق الإنسان.
وتتهم تقارير حقوقية دولية، النظام الإماراتي باعتقال المئات على خلفية التعبير عن الرأي تحت مظلة “الإرهاب وتمويله”، مواصلاً احتجاز العشرات منهم على الرغم من انتهاء فترة محكومياتهم في خرق واضح للقانون الدولي، وانتهاك صارخ لحق المعتقل في استعادة حريته بعد انقضاء فترة سجنه.
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قد وجهت العديد من الانتقادات للسلطات الإماراتية بشأن الزج بمئات النشطاء والحقوقيين والسياسيين السلميين في السجون، بسبب ممارستهم العمل الاجتماعي والخيري، أو مطالبتهم بإصلاح سياسي يفتح المجال أمام انتخابات ديمقراطية.
وأطلقت المنظمة العربية مؤخراً حملة للمطالبة بإنهاء الاحتجاز التعسفي للحقوقي الإماراتي أحمد منصور، والذي أكدت أنه محتجز في ظروف لا إنسانية تتنافى كلياً مع المعايير الدولية لمعاملة السجناء، يحُرم خلالها من أبسط حقوقه الأساسية انتقاماً منه لانتقاده ممارسات النظام الإماراتي المنتهكة لحقوق للإنسان التي يعتبر من أبرز المدافعين عنها في بلده.