تمر هذه الساعات على أهل غزة بثقل شديد فمع كل ساعة غارة جوية جديدة أعنف من سابقتها، أو إنسان يفارق الحياة أو بيت ينهار فوق رؤوس ساكنيه، بينما يرقب الأطباء في المستشفيات عقرب الساعة منتظرين حلول كارثة جديدة حيث يتناقص الوقود حتى أوشك على النفاد، نتيجة لقطع الاحتلال كل سبل الحياة عن المدنيين في القطاع، بينما يعجز العالم مجددا عن إنقاذ غزة وإمدادها ولو بمقومات الحياة الرئيسية.
وبالرغم من أن أهل غزة كانوا قد اعتادوا نقص الوقود وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة على مدار السنوات الـ17 الشداد اللواتي مضين في حصار لم يشهد له العالم مثيل، إلا أن الساعات القادمة تشكل فيصلا أساسيا بين حياة وموت الآلاف، إذ تصارع غزة الزمن نحو النفس الأخير إن لم يتمكن العالم من إجبار الاحتلال الإسرائيلي على السماح بدخول الوقود والدواء.
حتى كتابة هذه السطور بلغ إجمالي عدد القتلى في غزة 1055، وبلغ عدد الجرحى 5184 كلهم مهددون بسبب نقص الإمدادات الطبية والوقود اللذين أوشكا على النفاد، وانهيار النظام الصحي في غزة في ظل عدم قدرة المستشفيات على استقبال حالات جديدة من المصابين، كما اضطر 263 ألف من سكان القطاع للنزوح إلى مدارس الأونروا بسبب استمرار قصف قوات الاحتلال.
العالم بأسره وبكامل مؤسساته الإغاثية لا يستطيع أن يتصدى لجريمة الاحتلال وإبادته الجماعية لأهل غزة، ولم يتمكن حتى الآن سوى من إطلاق البيانات الجوفاء التي لا يصل صداها لمسامع الصارخين ولا من بأيديهم الحل إن وجدوا، ولا تمكن العالم حتى من أن يحصي جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال كل ساعة تقريبا.
يطالب مسؤولون في الأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي بفتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، إلا أن الاحتلال يصم أذنيه عن تلك المطالبات ويصر على الإبادة الجماعية مما يوجب استخدام أدوات أكثر فعالية من جانب المؤسسات الدولية والقادة السياسيين في ظل استمرار وتكثيف الدعم العسكري والمادي والدبلوماسي الذي يتلقاه الاحتلال من القوى العالمية التي تتناسى دورها في إحلال السلام العالمي.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تحذر من تداعيات تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتداعياتها على المنطقة والعالم اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وتشدد على أن العدالة والحفاظ على حقوق الفلسطينيين ووقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي هي الأدوات الوحيدة القادرة على حل الأزمة الإنسانية وتجنيب المنطقة ويلات إضافية.