على بُعد عدة كيلومترات من نهر الأردن وعند الجهة الشمالية للبحر الميت، تقع مدينة أريحا الفلسطينية، التي تعتبر أخفض بقعة في العالم، وأقدم المدن المأهولة بالسكان منذ عرف الإنسان التجمعات البشرية. أما من الناحية السياسية فتعد أريحا، أول مدينة في الضفة الغربية خضعت لسيطرة السلطة الفلسطينية عام 1994، بعد توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ضمن ما عرف باتفاق (غزة- أريحا) أولا.
ومنذ ذلك العام، ورثت الأجهزة الأمنية الفلسطينية سجن أريحا عن الإحتلال الإسرائيلي، الذي كان هو قد ورثه عن الأردن بعد حرب حزيران عام 1967. فاعتقل بين جدرانه مئات الفلسطينيين، ومارس بحقهم شتى أصناف التعذيب، إلى أن أفرج عن نسبة كبيرة منهم بعد توقيع اتفاق أوسلو. وما هي إلا أشهر معدودة، حتى عادت السلطة الفلسطينية إلى ملء هذا السجن، فاحتجزت عشرات المقاومين الرافضين لأوسلو وما تمخض عنها، وأخضعتهم لعمليات تعذيب منهجية وحشية فاقت ما كان يمارسه الإحتلال.