تضم السجون العراقية معتقلينَ أُعتُقل أغلبهم تحت طائلة قوانين جائرة كقانوني مكافحة الإرهاب و المخبر السري بدونِ أوامر قضائية، وتعرَّضوا لألوان من الإنتهاكاتِ منذُ اعتقالهم مثل زجِهم في سجون التحقيق المعروفة ببراعة ضباطها ومحققيها ومنتسبيها وجنودها في ابتكار طرق مختلفة لتعذيب المعتقلين لإكراههم وإجبارهم على الإعتراف بجملة من جرائم يختارها الضباط والمحققون، منهم من ماتَ تحت التعذيب، ومنهم من تسبب التعذيب بإعاقته جسديا أو عقليا، وكثير منهم لم يكن أمامهم خيار ثالث فإما الموت تحت تعذيب الجلاديَ أو الرضوخ لما يريدونه، فاضطروا للاعتراف بالقيام بعمليات عسكرية أو الإنتماء لجماعات مسلحة، ورغم ذلك لم تتوقف الإنتهاكات لحقوقهم فقد استمرت معهم في سجون وزارة العدل التي نقلوا لها بعد إكمال التحقيق معهم، ثم آلت بهم الإجراءات الَّتي تتَّبعها دائرة الإصلاح العراقية التي تدير سجون وزارة العدل للوصول إلى سجن الناصرية المركزي حيث تنعدم الحقوق وتستمر الإنتهاكات، وكانَ آخر تلك الإنتهاكات أحكام قضائية بالجملة في محاكم الناصرِية بحق معتقلين لا يسكنون الناصرية ولم تكن مكاناً للحوادث المفتراة التي أُجْبـِرُوا على الاعتراف بها في مخالفة صارخة وخطيرة لأَحكام القانون العراقي الذي نصَّ على الإخْتصاص المكاني للمحاكم العراقية.
هذا التقرير جهد مشترك شارك في إعداده مركز بغداد لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، يرصد ويوثق الإنتهاكات الجسيمة والمتعددة التي ترتكب بحق المعتقلين في سجن الناصرية المركزي من تعذيب نفسي وجسدي ومنع من زيارة الأسرة والمحامي إلى غياب أبسط الحقوق الَّتي نصَّت القوانين الدولية والمحلية على توفيرها لأي إنسان حتى وإن كانَ متهما أومذنبا.
وكما يرصد التقرير الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها السلطة القضائية متمثلة بمجلس القضاء الأعلى في العراق، من نقل لقضايا المعتقلين من بغداد والمحافَظات الأخرى إلى محكمة جنايات الناصرية (ذي قار) ومحاكم التحقيق فيها، ومن ارتفاع خطير في وتيرة الأَحكام الصادرة من محكمة جنايات الناصرية (ذي قار) ضد المعتقلين السُنة.