الصفقة ليس لديها إطار سياسي أو قانوني
مهندسو الصفقة لديهم روابط وثيقة بالحركة الصهيونية
فشلت صفقة القرن في الاعتراف بوجود الاحتلال الإسرائيلي، وتهدف إلى مزيد من ضياع الأرض وحقوق الفلسطينيين
لن يقبل الفلسطينيون الرشوة مقابل التنازل عن حقوقهم وأرضهم
على المجتمع الدولي أن يرفض خطة إدارة ترامب
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة في العاصمة البريطانية لندن، تحت عنوان “صفقة القرن” برعاية الرئيس ترامب وبدعم الإمارات والسعودية.
الندوة ضمت كبار الخبراء بالإضافة إلى نشطاء ومحامين دوليين لحقوق الإنسان ممن لديهم خبرة واسعة في الصعوبات السياسية والاقتصادية التي تواجه القضية الفلسطينية، والوضع الجغرافي السياسي المحيط بها.
تعرضت الندوة بالتفصيل إلى الجوانب الاقتصادية والسياسية التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في “صفقة القرن”، والتي تزعم محاولة تحقيق السلام والتنمية في المستقبل في المنطقة، كما أولت الندوة اهتماماً خاصاً لكيفية تأثير تلك الصفقة على حقوق الفلسطينيين وتهميشها، وعدم تمكينهم من المشاركة في أي خطة مستقبلية تسعى للسلام والتنمية، كما ركزت الندوة على المشاركة الكبيرة للسعودية والإمارات في الصفقة، من خلال استثماراتهما المالية في الجانب الاقتصادي بها.
بدأت الندوة بمقدمة من مدير الندوة وهو المحامي ريس ديفيز، المحامي البارز في القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان في “تيمبل غاردن تشامبرز” و”لاهاي”، وقد ناقش ديفيز في مقدمته الملاحظات الأخيرة التي أبداها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث نقل ديفيز قول المقرر بـ “بدون إطار القانون الدولي، فإن أي خطة سلام، بما في ذلك الاقتراح القادم من الولايات المتحدة، سوف يصطدم بالواقع السياسي”.
وأضاف ديفيز أنه “وبالتالي، فإن الخطة الاقتصادية المقترحة غير حاسمة وتفتقر إلى ثقل الدعم السياسي والقانوني لضمان حقوق والتزامات الطرفين، وعليه يجب أن تحترم أي تسوية سياسية نهائية حقوق الإنسان، والحقوق الإقليمية، والأهم من ذلك الحق في تقرير المصير”، وشدد على أن “النمو الاقتصادي والاستقرار هو بالطبع هدف جدير بالثناء، لكن بدون إطار قانوني وسياسي، يبقى الكثير غير واضح”.
وتحدث ديفيز بالتفصيل عن كيف أن المحامون الدوليون يراقبون حقوق الإنسان في المرحلة التالية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام بعناية فائقة، مع تسليط الضوء على كيفية تركيز مؤتمر “السلام من أجل الازدهار” في الصفقة على التنمية الاقتصادية، لكنه في نفس الوقت يتجاهل الوضع السياسي الواضح للاحتلال الإسرائيلي، وحقيقة أن الفلسطينيين ليس لهم الحق في تقرير المصير، وهو أمر ضروري لأي فرصة لتحقيق سلام دائم في المنطقة حيث شبه ديفيز ذلك بأنه كمن “يضع العربة أمام الحصان”.
وأضاف ديفيز أن “التركيز على جذب الاستثمارات المالية إلى منطقة غير مستقرة سياسياً ليس اقتراحًا جذابًا للمستثمرين، كما أن حقيقة عدم وجود محاولة لتطوير إطار سياسي يسعى للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن الصراع المستمر منذ عقد من الزمن يعني أن الحكومات والمستثمرين سيكونون على الأرجح مستعجلين للتعهد بالاستثمارات مع عدم اليقين بالاستقرار”، متابعاً “وبالتالي، فإن مبلغ الـ 50 مليار دولار الذي تم التعهد به لا يدعمه بالكامل إطار سياسي، وعليه فلن يوجد ترابط للاطار سياسي مع الاطار القانوني الغير موجود في الأساس، ما سيدفع الكثيرون للتساؤل بعصبية عن ماهية هذه المقايضة من أجل المساعدة والاستثمار الموعودين به”.
بيل لو، الصحفي السابق في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) والمتخصص في منطقة الخليج العربي، لفت النظر في كلمته إلى أهمية مهمة جاريد كوشنر في الشرق الأوسط، حيث قدم تفاصيل عن علاقته القوية ومشاركته المالية في الحركة الصهيونية.
كما كشف السيد لو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صديق مقرب لعائلة كوشنر، وأن كوشنر لديه العديد من الروابط، الشخصية والمالية، على حد سواء بحركة المستوطنين في الضفة الغربية.
كما بين السيد لو أن هدف “الصفقة” هي ألا تنجح، بل على العكس، استراتيجية عملها تهدف إلى حشر الفلسطينيين في الزاوية التي لا مفر منها، ودفعهم إلى الإجابة الوحيدة “لا”، لكن في نظر كوشنر، ونتنياهو ، وآخرين ، فإن الطريق إلى السلام يكمن من خلال ضم ما تبقى من معظم الضفة الغربية، بما في ذلك أهم أصولها الزراعية وهي وادي الأردن، مختتماً كلمته بوصف الصفقة بأنها “سرقة القرن”.
المتحدثة الأخيرة في الندوة كانت جيني لين، وهي عضو مؤسس ورئيس جمعية أصدقاء فلسطين في “هاليفاكس” ، وعضو في اللجنة التنفيذية الوطنية لحملة التضامن مع فلسطين، وقد ركزت جيني في كلمتها على الأدوات التي يستطيع بها المجتمع المدني في الغرب دعم الفلسطينيين الذين يبحثون عن الحرية، كممارسة الضغط الدولي في رفضهم للصفقة.
وتابعت جيني قولها أنه “على الحكومة البريطانية واجب محدد في رفض الصفقة بالكامل، دفاعًا عن إرادة الفلسطينيين في تطوير المستقبل”، وشددت جيني على أنه “لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونترك الشعب الفلسطيني يُباع أسفل النهر بواسطة ترامب وشركائه”.
وختمت جيني حديثها قائلة ” لقد ساعد التضامن العالمي في إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ولذلك فيمكنه بالتأكيد أن يلعب دور مهم الآن في كسب الرأي العام في جميع أنحاء العالم لصالح عدالة القضية الفلسطينية”.
بالنظر إلى المعلومات التي أبرزها المتحدثون في هذه الندوة، فإن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك الآن ورفض صفقة القرن، كما تؤكد أنه على المجتمع المدني الضغط على حكومة المملكة المتحدة لرفض هذه الصفقة، ووقف دعمها السياسي والمالي المستمر لإسرائيل في ضوء احتلالها للأرض الفلسطينية وانتهاكاتها الشاسعة للقانون الدولي.
كما تدعو المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في علاقته مع الدول الراعية لصفقة القرن، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي عملت على عرقلة، وليس تعزيز، تقدم حقوق الإنسان في الشرق الأوسط والعالم.
إن صفقة القرن التي وضعتها إدارة ترامب، والتي يديرها كوشنر، هي نتاج للحركة الصهيونية التي تسعى إلى إزالة ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وإهدار حقوق الشعب الفلسطيني، وذلك لصالح الولايات المتحدة ودول الخليج وإسرائيل، مع عدم احترام للسلام في المستقبل، وهذا واضح في حقيقة أن خطة صفقة القرن لم تفصل حتى الآن أي أطر قانونية أو سياسية للسلام، فعلى حد تعبير الصحفي بيل لو، فإن أفضل يتم وصف سياسة كوشنر وترامب في الشرق الأوسط به هي أنها فعلاً “سرقة القرن” وليست “صفقة القرن”.