في انتكاسة جديدة للعدالة الدولية؛ استخدمت الولايات المتحدة، مساء الأربعاء، حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، رغم تأييد أربعة عشر عضواً من أصل خمسة عشر عضواً في المجلس.
وهذا الفيتو، الذي لا يُعد الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٣، يؤكد مجددًا أن الولايات المتحدة لا تكتفي بدعم الاحتلال بالسلاح والمال، بل توفر له الغطاء السياسي اللازم لمواصلة جرائم القتل الجماعي والتدمير المنهجي بحق سكان القطاع المحاصر.
وتضمن مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر نيابة عن الدول غير الدائمة العضوية في المجلس، مطالب واضحة بوقف فوري لإطلاق النار، ورفع الحصار عن غزة، وإدخال المساعدات دون قيد، والإفراج المتبادل عن الأسرى. ومع ذلك أسقطته واشنطن بمفردها، لتمنح الاحتلال مرة أخرى تفويضًا مفتوحًا لمواصلة الإبادة.
ولا يمكن عزل الفيتو الأمريكي عن السياق القانوني والسياسي الدولي؛ إذ يمثل خرقًا صريحًا لميثاق الأمم المتحدة، الذي يربط بين حفظ السلم الدولي واحترام القانون الدولي الإنساني. الولايات المتحدة، باستخدامها المتكرر للفيتو لحماية الاحتلال، تعطّل المنظومة الأممية ذاتها، وتُسهم في تقويض آليات العدالة الدولية.
ولقد أدى التواطؤ الأمريكي إلى سقوط أكثر من 180 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من أحد عشر ألف مفقود ومئات الآلاف من النازحين، ودمار واسع في البنية التحتية، ومجاعة تفتك بسكان القطاع.
وفي ظل هذا العجز الأممي؛ فإن الفيتو الأمريكي ليس مجرد قرار سياسي، بل هو سلاح يُستخدم ضد الضحايا، وضد فكرة العدالة ذاتها، وهو يُعيد إلى الواجهة الحاجة إلى إصلاح نظام مجلس الأمن، ووضع حدود حقيقية لاستعمال الفيتو، خاصة في القضايا المرتبطة بالجرائم ضد الإنسانية.