شهدت مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، الجمعة، حملة اعتقالات غير مسبوقة نفذها الجيش الإسرائيلي، طالت أكثر من ألف فلسطيني خلال يوم واحد، في إطار حصار عسكري مشدد بدأ منذ أمس، تخللته عمليات اقتحام للمنازل والمتاجر والمقاهي وتحطيم محتوياتها، وسط ترهيب واسع للأطفال والنساء.
وأكد محافظ طولكرم عبد الله كميل أن ما يجري هو “عدوان موسع ومنهجي” يستهدف كسر إرادة السكان والنيل من صمودهم، محذرا من التداعيات الإنسانية الخطيرة لهذه الإجراءات.
وترافقت الاعتقالات مع إغلاق البوابات الحديدية للمدينة ومنع حركة المركبات، إضافة إلى إجبار عشرات المعتقلين على السير في طوابير طويلة نحو الحواجز العسكرية.
كما استولت قوات الاحتلال على تسجيلات كاميرات مراقبة ودمرت ممتلكات خاصة، في مشهد يعكس سياسة العقاب الجماعي التي تحظرها القوانين الدولية، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حماية المدنيين في زمن الاحتلال.
وتندرج الاعتقالات التعسفية واسعة النطاق، وممارسات الحصار والإغلاق، ضمن خروقات فاضحة للقانون الدولي الإنساني، إذ تحظر المعاهدات الدولية استخدام المدنيين كأداة ضغط أو استهدافهم بشكل جماعي. كما أن اقتحام المنازل وتدمير الممتلكات الخاصة دون ضرورة عسكرية ملحة يشكل انتهاكا مباشرا لمبادئ التناسب والتمييز في النزاعات المسلحة.
وتأتي هذه التطورات في سياق أوسع من التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ مطلع العام، حيث تواصل قوات الاحتلال عمليات عسكرية واسعة توازي حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة. ووفق إحصاءات فلسطينية، أسفرت هذه العمليات عن مقتل أكثر من 1020 فلسطينيا في الضفة، وإصابة نحو 7 آلاف، إضافة إلى اعتقال ما يزيد على 19 ألف شخص، في ظروف تثير مخاوف جدية من التعذيب وسوء المعاملة.
وتكشف أحداث طولكرم عن نمط ممنهج من الانتهاكات التي تتعارض مع أبسط القواعد الإنسانية والقانونية، وتشير إلى تصاعد سياسة العقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين.
ويظل غياب المحاسبة الدولية عن هذه الجرائم سببا رئيسيا لاستمرارها وتكرارها، بما يحول الضفة الغربية إلى ساحة مفتوحة للانتهاكات، بلا رادع ولا حماية فعلية للمدنيين.