لا يزال الناشط الشاب عبدالله يوسف جيلان قابعاً في السجون السعودية منذ مايو 2021، في ظل استمرار اعتقاله التعسفي على خلفية تغريدات ساخرة نشرها عبر حساب وهمي على منصة “تويتر”، عبّر فيها عن مطالبه بحقوق الشباب في العمل والحياة الكريمة.
ورغم أن مضمون تلك التغريدات لا يتجاوز حدود حرية التعبير؛ إلا أن السلطات السعودية واجهته بحكم بالغ القسوة يقضي بسجنه 10 سنوات، تعقبها 10 سنوات أخرى من المنع من السفر، صادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة التي باتت تُعرف بأنها أداة لقمع النشطاء والمعارضين السلميين.
ومنذ لحظة اعتقاله؛ تعرض جيلان لسلسلة من الانتهاكات الخطيرة التي تُشكّل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان. فقد جرى اعتقاله دون أمر قضائي بعد مداهمة منزله ليلاً، ثم اقتيد إلى مكان غير معلوم حيث خضع للتعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك الصعق الكهربائي، والضرب، والحبس الانفرادي المطوّل. كما تم منعه من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، وحرمانه من حقه في توكيل محامٍ للدفاع عنه خلال فترة التحقيق والمحاكمة، ما حرم قضيته من أي ضمانات للعدالة أو المحاكمة المنصفة.
ولا يمكن فصل ما تعرض له جيلان عن السياق الأوسع لانتهاك حرية الرأي والتعبير في المملكة، حيث يُلاحق العشرات من النشطاء والصحفيين لمجرد التعبير عن آرائهم بشكل سلمي، في ممارسات تتناقض بشكل مباشر مع ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذَين يضمنان حرية التعبير، ويحرمان الاعتقال التعسفي والتعذيب، ويكفلان المحاكمة العادلة وحق الدفاع.
وتكتسب قضية جيلان أهمية متزايدة في ظل الادعاءات المتكررة للسلطات السعودية بتحقيق إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، وهي ادعاءات يُكذّبها واقع السجون المكتظة بمعتقلي الرأي، والأحكام القاسية التي تُصدر بحق من يطالبون بأبسط الحقوق.
وفي ظل هذا الوضع؛ تتحتم المطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن عبدالله جيلان، ووقف كل أشكال القمع الممنهج ضد النشطاء والمواطنين السلميين، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، والالتزام الجاد بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.