تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الشامل على مدن ومخيمات الضفة الغربية، في تصعيد غير مسبوق يفاقم الأزمة الإنسانية ويضاعف الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين الفلسطينيين.
ويدخل العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها يومه التاسع عشر، وسط تصعيد غير مسبوق أسفر عن مقتل 25 فلسطينياً، وإصابة العشرات، إلى جانب تنفيذ عمليات هدم وتجريف تطال البنية التحتية والمنازل والممتلكات المدنية.
وفي ظل هذا العدوان؛ تحولت مستشفى جنين الحكومي إلى نقطة محاصرة بالكامل، بعد أن دمرت جرافات الاحتلال المدخل الرئيسي له والشارع المؤدي إليه، ما أدى إلى نقص حاد في مياه الشرب وانقطاع الخدمات الأساسية.
كما تفرض قوات الاحتلال حصاراً على البلدات والقرى المحيطة بجنين، وتواصل حملات الاعتقال، حيث اعتقلت ثلاثة مواطنين من بلدة اليامون وشابين من بلدة يعبد، إضافة إلى احتجاز وتعذيب مواطنين في محيط دوار الجلبوني.
وعلى مدار الأيام الماضية؛ نسفت قوات الاحتلال عشرات المنازل في مخيم جنين، وأحرقت ممتلكات المواطنين، بينما يستمر انقطاع الكهرباء والمياه في أجزاء واسعة من المدينة والمخيم نتيجة تدمير شبكات البنية التحتية.
طولكرم.. حصار خانق وإعدامات ميدانية
الوضع في طولكرم ليس أفضل حالاً، حيث يتواصل العدوان الإسرائيلي على المدينة ومخيمها لليوم الثالث عشر، وسط عمليات اقتحام واسعة، وإعدامات ميدانية، كان آخرها الطفل صدام حسين إياد رجب (7 سنوات) الذي قُتل برصاص الاحتلال أثناء وجوده في منزل جده، ليرتفع بذلك عدد القتلى منذ بدء العدوان إلى عشرات الفلسطينيين، بينهم أطفال.
وتفرض قوات الاحتلال طوقاً عسكرياً مشدداً على المدينة والمخيم، وسط استمرار الاستيلاء على المنازل والمباني السكنية وتحويلها إلى ثكنات عسكرية. كما تواصل القوات قصف المخيم وانتهاك حرمة المنازل واعتقال العشرات من الفلسطينيين، في وقت يعاني فيه السكان من انقطاع الكهرباء والمياه وتدمير شبكات الاتصالات والإنترنت.
وانتشرت فرق القناصة الإسرائيلية بكثافة في المخيم، مستهدفة أي تحرك، فيما أدى القصف العشوائي إلى إجبار مئات العائلات على النزوح القسري من منازلها، في مشهد يعيد إلى الأذهان الجرائم الإسرائيلية السابقة بحق مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
طمون ومخيم الفارعة.. تهجير قسري وخسائر فادحة
وعلى مدار أسبوع، لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية في بلدة طمون ومخيم الفارعة، حيث تواصل القوات عمليات اقتحام المنازل وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية، مع اعتقال أكثر من 80 فلسطينياً، أُفرج عن 59 منهم، فيما لا يزال 21 آخرون قيد الاعتقال التعسفي.
إضافة إلى ذلك؛ دمرت جرافات الاحتلال أجزاء واسعة من شبكة الطرق والمياه، مما تسبب بانقطاع الخدمات الأساسية عن مئات العائلات، فيما يتعذر على المزارعين الوصول إلى أراضيهم بسبب الإغلاق العسكري المشدد، ما يهدد بفقدان المحاصيل وتكبد خسائر زراعية كبيرة.
كما تزايدت الحاجة إلى المواد الغذائية وحليب الأطفال، في ظل منع الاحتلال وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة، بينما يواجه مربو المواشي والدواجن كارثة اقتصادية بسبب الحصار المفروض عليهم.
جرائم ممنهجة وانتهاكات جسيمة
ما يحدث في الضفة الغربية ليس مجرد عمليات عسكرية، بل جرائم ممنهجة ترقى إلى مستوى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، حيث تشمل:
– القتل خارج نطاق القانون: استهداف المدنيين العزل، بمن فيهم الأطفال، كما حدث مع الطفل صدام رجب (7 سنوات).
– العقاب الجماعي: فرض الحصار، تدمير البنية التحتية، وحرمان السكان من الخدمات الأساسية.
– التهجير القسري: إجبار العائلات على مغادرة منازلها، والاستيلاء على الممتلكات وتحويلها إلى مواقع عسكرية.
– استهداف الطواقم الطبية والمرافق الصحية: حصار مستشفيات جنين وطولكرم، وعرقلة عمل سيارات الإسعاف والطواقم الطبية.
وجميع هذه الانتهاكات تشكل خرقاً فاضحاً للمواثيق الدولية، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر استهداف المدنيين وفرض العقوبات الجماعية، واتفاقية روما، التي تصنف القتل العمد والاستيطان القسري كجرائم حرب.
ومع استمرار الحصار والقتل والدمار في مناطق متفرقة من الضفة الغربية؛ يبقى السؤال المطروح: إلى متى سيستمر العالم في التغاضي عن الجرائم الإسرائيلية؟ ومتى ستتحمل المؤسسات الحقوقية الدولية مسؤولياتها تجاه ما يجري من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان؟