تتعرض غزة اليوم 27/10/2023 إلى هجمات وحشية غير مسبوقة في تاريخها، من الجو والبر والبحر، في ظل قطع كامل للاتصالات والكهرباء والانترنت، بعد ساعات من تهديد المتحدث باسم جيش الاحتلال بقصف مستشفى الشفاء أكبر المجمعات الطبية وأكبر ملجأ للنازحين والمهجرين الذين دمرت منازلهم على مدار الـ 20 يوما الماضية.
يأتي هذا التصعيد المروع بعد يوم واحد من الاجتماع الطارئ للأمم المتحدة، حيث فشلت الدول الأعضاء في استصدار قرار ملزم بوقف العدوان العسكري الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي أو تأمين مقومات الحياة الرئيسية للشعب الفلسطيني.
ما يحدث في غزة الآن هو جريمة إبادة جماعية مستمرة وتطهير عرقي واستخدام لأسلحة واستراتيجيات دمار شامل محرمة دوليا بمشاركة ودعم الولايات المتحدة الأمريكية ومباركة من دول أوروبية تتعامى عن المعاناة الإنسانية لسكان القطاع وتدعم الاحتلال ضمنا في الفتك بهم بلا رحمة، بما يهدر قيمة القانون الدولي وحقوق الإنسان ويهدد الأمن والسلم الإقليمي والعالمي.
عشرات الجثث تملأ الشوارع في ظلام دامس، وآلاف الجرحى يملؤون المستشفيات والأزقة المجاورة لها في ظل انهيار شبه كلي للمنظومة الصحية ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وغبار المباني المتهدمة يملأ الأجواء يرافقها أصوات القصف المرعبة وصراخ الأطفال والنساء، في مشهد يشبه نهاية العالم.
وبالرغم من ذلك لا يزال الاحتلال يطالب المدنيين بإخلاء منازلهم، ليكونوا في أمان وهو الأمر الذي لم يلتزم به الاحتلال في المرات السابقة، بل واقع الأمر في قطاع غزة أنه لا مكان آمن والقصف العنيف لا يتوقف على شمال غزة وجنوبها وشرقها وغربها، ولا يفرق في ذلك القصف بين مدرسة، أو مستشفى، أو مخيم لجوء، أو منظمة دولية، أو سيارة إسعاف.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي الغاشم في 07 أكتوبر/تشرين الأول سقط 7326 مدنيًا، بينهم 2913 طفلا و1709 امرأة، وأكثر من 18500 مصابًا، بالإضافة إلى 1650 مفقودا، منهم 900 طفلًا تحت الأنقاض. كما تسببت المجازر الإسرائيلية في مقتل 104 من الكوادر الطبية وإصابة 100 آخرين بجروح متفرقة، كما قُتل 24 صحفيًا، و39 شخصًا من موظفي الأونروا، بالإضافة إلى نزوح أكثر من مليون و400 ألف بعد تدمير منازلهم بالكامل.
الجدير بالذكر أن وزارة الصحة في غزة أعلنت خروج 12 مستشفى و32 مركز رعاية أولية عن الخدمة، جراء الاستهداف الإسرائيلي المباشر، أو عدم قدرتها على استمرارية العمل بسبب نفاد الوقود.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تناشد المجتمع الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة للتحرك بشكل فعال وعاجل واتخاذ ما يلزم من إجراءات في وجه غطرسة الاحتلال الإسرائيلي وداعميه، ووقف جرائم الحرب المتواصلة في قطاع غزة وغيره من الأراضي الفلسطينية.
وتؤكد المنظمة على أن المطالبة بوقف العدوان تعني العمل على ذلك بشكل فوري، دون تأجيل أو تأخير، فالعدوان الذي يرتكبه الاحتلال يزهق الأرواح بسرعة لا تحتمل انتظار المجتمع الدولي ولا تراعي البروتوكولات الرسمية التي تحكم منظماته.
وتشدد المنظمة أن العالم إذا سمح بمرور تلك الهجمات الوحشية وجرائم الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة، فإن هذا إعلان وفاة القوانين والمعاهدات والمنظمات الدولية، فكيف تقيم دول العالم وزنًا لتلك القوانين والمعاهدات ما لم تترجم إلى تحرك حقيقي لإنفاذها وفرض احترامها.