بيان النيابة المصرية حول قضية ريجيني سطحي ويفتقر إلى المنطق
الأسباب التي أعلنت عنها النيابة المصرية لإغلاق قضية ريجيني مثيرة للسخرية
الحكومة المصرية ارتكبت جرائم فظيعة للتغطية على مقتل ريجيني
قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن القرار المصري بإغلاق قضية مقتل الإيطالي جوليو ريجيني، وتصريحات النيابة العامة حول ما توصلت إليه التحقيقات مثيرة للسخرية، تهدف إلى طمس الحقائق الظاهرة وتعزيز فرص إفلات الجناة من العقاب، مؤكدة أن بيان النيابة يأتي ضمن السياق العام الذي يتبناه النظام المصري في كل ما يتعلق بالقضايا المتعلقة بانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأضافت المنظمة أن البيان الصادر عن النيابة العامة المصرية في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري هو بيان سطحي يفتقر إلى المنطق ومليء بالتناقضات، حيث قررت الجهات القضائية إغلاق القضية لعدم تمكنها -بعد قرابة خمس سنوات من البحث والتقصي- من تحديد الجاني الحقيقي، في حين أكدت في ذات البيان أنها قامت بتصفية تشكيل عصابي بعد الجريمة بشهر لعثورها على أدلة ثابتة تفيد تورطهم في سرقة متعلقات “ريجيني” الشخصية وحقيبته الخاصة التي عُثر بداخلها على أوراق هويته الشخصية.
المثير للسخرية أن النيابة بعد فترة من تصفيتها التشكيل العصابي المزعوم، والذي قالت عنه أنه “متخصص في انتحال شخصية الضباط وسرقة الأجانب”، نفت وجود صلة بينهم وبين جريمة مقتل ريجيني عقب احتجاج السلطات الإيطالية على تلك النتيجة، لتعود وتربط بين هؤلاء الأشخاص وبين الجريمة في بيانها الأخير، للرد على الاستنتاج الإيطالي بأن القتلة هم خمسة أفراد ينتمون إلى الجهات الأمنية المصرية.
وأكدت المنظمة أن بيان النيابة العامة ما هو إلا إجراء أمني يهدف إلى طمأنة الجناة، في ظل منظومة قضائية تثبت يوما بعد يوم أنها مجرد أداة طيعة في يد النظام المصري، يستخدمها لتلميع صورته والتغطية على جرائمه وتوفير حصانة لمرتكبيها، وفي المقابل التنكيل بخصومه السياسيين ومصادرة أموالهم وإصدار أحكام قاسية بحقهم تصل إلى الإعدام.
ولفتت المنظمة أن بيان النيابة العامة ليس مفاجئًا فقد كان تعاملها مع القضية منذ اليوم الأول يخدم إرادة النظام في التستر على المجرم الأصلي، حيث رفضت في كل المناسبات فكرة أن يتم تقديم اتهام لأي فرد أمن، وفي المقابل مارست عدد من الجرائم الفظيعة لإلصاق التهمة بمواطنين على غرار ما تفعله مع المعارضين المصريين.
وكان الطالب والباحث الإيطالي جوليو ريجيني، قد وجد مقتولا في 03 فبراير/شباط 2016 على جانبي الطريق الصحراوي في القاهرة بعد اختفائه وانقطاع أخباره منذ 25 يناير/كانون الثاني 2016، وبحسب أحد شهود العيان من الجيران، فإنه شاهد أفراد أمن بزي مدني يقومون بإلقاء القبض على ريجيني بالقرب من محل إقامته بالدقي قبل اختفائه مباشرة.
وبينت المنظمة أن الصفة التشريحية لجثة الطالب الإيطالي تشابهت مع الصفة التشريحية لعدد من ضحايا التعذيب داخل مقار الاحتجاز الأمنية المصرية، حيث نُزعت أظافر يديه وقدميه بطريقة وحشية، كما وجد آثار صعق بالكهرباء في جميع أجزاء جسده، مع وجود نزيف داخلي في الجمجمة تؤكد تعرضها للكسر، بالإضافة إلى كسور في فقرات العنق نتيجة لويها، ووجود كسور مضاعفة في جسده، وضربات بآلات حادة في رأسه وقضيبه، بالإضافة إلى إفادة الطبيب الشرعي الذي كُلف بتشريح الجثة أمام النيابة العامة بتاريخ 1/3/2016 أن التشريح الذي أجراه لجثة الطالب الإيطالي القتيل جوليو ريجيني أظهر أنه تعرض للاستجواب على مدى فترة تصل إلى سبعة أيام قبل قتله.
وبينت المنظمة أن جريمة قتل الطالب الإيطالي هي جريمة قتل تحت وطأة التعذيب تُضاف إلى السجل الدموي للنظام المصري، حيث تجاوزعدد القتلى جراء التعذيب في مقار الاحتجاز والتحقيق المصرية على أيدي الأجهزة الأمنية في عهد النظام الحالي المائة شخص ضمن 864 شخصا توفوا لأسباب أخرى أبرزها الإهمال الطبي.
وذكرت المنظمة أن التعاطي الإيطالي مع الجريمة كان هزيلا لا يرتقي لبشاعتها، حيث لم تقدم حكومة روما على أي خطوة جادة لمحاسبة قتلة ريجيني، بل قامت بإعادة سفيرها مرة أخرى إلى القاهرة بعد عام ونصف من استدعائه دون إحراز أي تقدم في التحقيقات، كما لم تبرر حتى الآن موقفها من عدم الإعلان عن أسماء الخمس ضباط المصريين الذين خلصت التحقيقات الإيطالية إلى تورطهم في مقتل ريجيني، في خطوة تؤكد أن السلطات ليس لديها النية الجادة للانتصاف له.
ولفتت المنظمة إلى أن الحكومة الإيطالية أعلنت في يونيو/حزيران الماضي عن صفقة أسلحة لمصر تقدر قيمتها بـ 11 مليار يورو، في خطوة تؤكّد تقديم روما للمصلحة التجارية على حياة مواطنيها، وفي انتهاك صارخ للتّعهّد الذي وقّع عليه وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في أغسطس/آب 2013، والذي يقضي “بتعليق تراخيص تصدير أي معدات يمكن استخدامها للقمع الداخلي إلى مصر” وكذلك “إعادة النظر في المساعدات الأمنية المقدمة لمصر“.
وطالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا الحكومة الإيطالية بمراجعة علاقاتها مع مصر، واتخاذ الإجراءات اللازمة تحت راية الاتحاد الأوروبي للضغط على السلطات المصرية لإماطة اللثام عن التفاصيل الوحشية لمقتل ريجيني ومحاسبة المتورطين في هذه الجريمة.
كما دعت المنظمة المجتمع الدولي مراجعة علاقاته الأمنية مع النظام المصري في ظلّ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها هذا النظام بكافة أجهزته، فاستمرار التعاون مع هذا النظام وتجاهل سجله الدموي هو بمثابة دعم مباشر لكل جرائمه الوحشية.