قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن توصية النيابة العامة لمجلس الوزراء بتسليم المعارض عبد الرحمن القرضاوي لدولة الإمارات قرار سياسي صرف مخالف للقوانين اللبنانية والقوانين الدولية التي تحظر تسليم المعارضين السياسيين.
وأضافت المنظمة أن مذكرة الإمارات الخاصة بتسليم القرضاوي جاءت بناءً على آراء نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال زيارته لسوريا، تجسد رأيه الحر في الأحداث وليس فيها ما يحرض على ارتكاب أي جريمة، بما ينسجم مع حرية التعبير المكفولة في القوانين الداخلية اللبنانية والدولية.
وأشارت المنظمة إلى أن المذكرة المصرية الخاصة بطلب التسليم، التي تتضمن حكمًا غيابيًا على القرضاوي صادرًا عن محكمة مصرية، تتعلق بإبداء القرضاوي رأيه في أحداث مصر، لكن السلطات المصرية اعتادت على إلباس الوقائع لبوسًا جنائيًا لتعتبرها تحريضًا على العنف والإرهاب، وهي تهم جاهزة وُجهت لكثير من المعارضين في الداخل والخارج.
وبينت المنظمة أن المدعي العام التمييزي جمال الحجار، مصدر التوصية، تجاهل عمدًا حقائق متعددة تؤكد أن قراره سياسي بامتياز، من أهمها أن عبد الرحمن القرضاوي معارض سياسي وشاعر مشهور يبدي رأيه في مختلف الأحداث في الوطن العربي، وهو لا يشكل جريمة وفق القوانين اللبنانية. كما تجاهل النائب العام حقيقة أن القوانين في كلا البلدين تضفي شرعية على الاختفاء القسري وتحرم المستهدف من كافة الحقوق، والأخطر أن النائب العام تجاهل حقيقة انتشار التعذيب في كلا البلدين، والذي راح ضحيته المئات، وعلى وجه الخصوص في مصر.
وأشارت المنظمة إلى أن المدعي العام التمييزي يعلم تمامًا أن النظام الإماراتي لا يمتلك قضاءً مستقلًا، وأن النظام هناك يتعامل بوحشية مع المعارضين السياسيين وحتى المقيمين. وهنا لا بد من تذكير النائب العام وساسة لبنان بمقتل المغترب اللبناني غازي عز الدين (55 عامًا) في سجون أبو ظبي تحت التعذيب، حيث اعتُقل في منتصف آذار 2023، وأُعلن عن وفاته في الرابع من مايو من نفس العام، ودفن ليلًا في أبو ظبي دون السماح لأحد بالكشف على جثته.
كما ذكّرت المنظمة بالأساليب المافياوية التي يستخدمها نظام أبو ظبي في ملاحقة المعارضين خارج الحدود إذا فشل في تسلمهم من خلال مسار قانوني شفاف. ومن هذه القضايا اختطاف المعارض عبد الرحمن السويدي من إندونيسيا عام 2015 بالتواطؤ مع ضباط، بعد أن رفضت محكمة إندونيسية تسليمه. اختفت آثاره وحُكم عليه بالسجن 15 عامًا، وظهر فجأة على قناة إماراتية حكومية في مايو 2017 برواية فُرضت عليه، وحصل على عفو عام 2019 ولم يظهر بعدها. وكذلك ما حدث مع الدكتور خلف الرميثي، الذي اختُطف من العاصمة الأردنية عمان وسُلّم للإمارات بالتواطؤ مع المستوى السياسي والأمني، بعد أن رفضت محكمة أردنية تسليمه. ومنذ اختطافه، اختفت آثاره ولا يُعرف مصيره.
وشددت المنظمة على أن هناك قلقًا مشروعًا على مصير القرضاوي في ظل المعايير المزدوجة التي تنتهجها السلطات اللبنانية في تعاملها مع ملفات أخرى بفعل الضغوط السياسية. فهي، من جهة، تغض الطرف عن ضباط سوريين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية ولجأوا إلى لبنان بعد انهيار نظام الأسد، ومؤخرًا سمحت بسفر رفعت الأسد المطلوب لمحكمة سويسرية عبر مطار الحريري. والمفارقة أن وجهته كانت الإمارات، التي استقبلت العديد من الشخصيات السورية المتهمة بارتكاب جرائم.
وحذرت المنظمة السلطات اللبنانية من مغبة تسليم القرضاوي للإمارات أو مصر، فعملية التسليم، إن تمت، تعني الحكم عليه بالإعدام، مما يورط مسؤولين لبنانيين، وعلى رأسهم المدعي العام، في الاشتراك في جرائم خطيرة تعرضهم للملاحقة والمساءلة على المستوى الدولي.
ودعت المنظمة الأمين العام للأمم المتحدة والفريق العامل ضد التعذيب والاختفاء القسري إلى متابعة قضية القرضاوي عن قرب لمنع أي محاولات ملتوية لتسليمه، كما دعت الحكومة التركية، التي يحمل القرضاوي جنسيتها، إلى الضغط على الحكومة اللبنانية لمنع تسليمه وإطلاق سراحه.