أظهرت الأرقام الجديدة الصادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، عن حجم الضرر الإنساني الدائم الذي خلّفته الحرب الإسرائيلية على القطاع، حيث أعلنت عن تسجيل 6 آلاف حالة بتر أطراف خلال عامين من الإبادة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023، ولمدة عامين.
وقالت الوزارة بالتزامن مع اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، إن هذه الحالات “بحاجة إلى برامج تأهيل عاجلة وطويلة الأمد” وسط نقص خطير في الإمكانات والأدوات المساندة.
وبيّنت أن 25 بالمئة من مبتوري الأطراف هم أطفال، ما يعني أن آلاف الصغار يواجهون إعاقات دائمة في سن مبكرة، في واقع يُفترض قانوناً أن توفَّر له حماية خاصة إضافية باعتبار الأطفال فئة تحت حماية مضاعفة في النزاعات المسلحة.
وأكدت الوزارة أن آلاف الجرحى يعيشون “معاناة إنسانية عميقة” تتطلب دعماً نفسياً واجتماعياً وتأهيلياً شاملاً، داعية المنظمات الدولية إلى التحرك العاجل لضمان وصول هؤلاء إلى خدمات متخصصة.
وتكشف حالات البتر على نطاق واسع عن انتهاكات لعدد من القواعد الأساسية في القانون الدولي الإنساني، لا سيما مبدأي التمييز والتناسب. فاستهداف مناطق مدنية مكتظة أو استخدام أسلحة ذات قدرة تدميرية عالية دون مراعاة حماية المدنيين يُعد خرقاً واضحاً للواجبات القانونية المفروضة على قوات الاحتلال.
كما يمثّل ترك آلاف مبتوري الأطراف دون تأهيل مناسب أو أدوات مساعدة، ومنع وصول الإمدادات الطبية أو تدمير المراكز الصحية، انتهاكاً لالتزامات قوة الاحتلال فيما يخص ضمان توفير الرعاية الطبية اللازمة وعدم عرقلة عمل المرافق الصحية والإغاثية.
ويعزز حجم الإصابات الدائمة وجود أنماط من الضرر الممنهج الذي يفضي إلى إعاقات طويلة الأمد، وهو ما يثير تساؤلات قانونية حول استخدام القوة المفرطة، واستهداف البنية الصحية، وحرمان المتضررين من حقهم في العلاج وإعادة التأهيل، والتي هي حقوق منصوص عليها في اتفاقيات جنيف، وملزمة لجميع أطراف النزاع.
وتكشف معاناة آلاف مبتوري الأطراف أن انتهاء الحرب لا يعني انتهاء آثارها، وأن الإبادة تركت ندوباً جسدية وقانونية واجتماعية تحتاج إلى معالجة طويلة المدى. فحق المصابين في الرعاية والتأهيل والحياة الكريمة ليس خياراً إنسانياً فحسب، بل التزام قانوني على المجتمع الدولي ضمان تنفيذه في ظل انهيار المنظومة الصحية داخل القطاع.
إن استمرار غياب هذه الضمانات لا يُبقي الجرحى في دائرة الألم فحسب، بل يشكل امتداداً لانتهاكات الحرب نفسها، خاصة حين تكون الإعاقة نتيجة مباشرة لعمليات عسكرية غير متناسبة أو موجهة نحو مناطق مدنية.



























