في استمرار لسياسة استهداف الأصوات الحرة وطمس الحقيقة؛ قُتل الصحفي الفلسطيني معتز محمد رجب، إثر غارة جوية استهدفته في قطاع غزة.
وبمقتل معتز؛ يرتفع عدد الصحفيين الذين قُتلوا منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 221 صحفياً، فضلاً عن إصابة واعتقال مئات آخرين، في حملة غير مسبوقة من القمع الممنهج تستهدف الإعلاميين على وجه التحديد.
ولا تندرج هذه الممارسات ضمن ما يُعرف بالأضرار الجانبية في النزاعات المسلحة، بل هي مؤشر واضح على توجّه سلطات الاحتلال لفرض تعتيم إعلامي شامل على ما يجري في غزة، عبر استهداف العاملين في وسائل الإعلام، وتدمير مقراتهم، وحرمانهم من أدنى درجات الحماية الدولية التي يُفترض أن تكفلها لهم القوانين الإنسانية.
ويُلزم القانون الدولي أطراف النزاع بحماية الصحفيين باعتبارهم مدنيين، ويمنع استهدافهم ما لم يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية. ومع ذلك؛ فإن الواقع في غزة يعكس نمطاً من السلوك العسكري يتعمّد استهداف من يوثق الجريمة، في محاولة لقتل الحقيقة، كما يُقتل الإنسان.
وفي سياق حرب إبادة جماعية لا تزال مستمرة؛ يُعامل الصحفي الفلسطيني بوصفه “تهديداً” لأنه يحمل الكاميرا والقلم، لا السلاح.
إن قتل الإعلاميين وأفراد عائلاتهم، كما حدث مع معتز محمد رجب، يكشف عن عمق الاستهانة بحياة المدنيين، ويؤكد الطابع الانتقامي والوحشي للعدوان القائم، الذي لا يفرّق بين طفل أو طبيب أو صحفي.
ومع اتساع رقعة القتل، والنزوح القسري، والتجويع الجماعي، والحرمان من الرعاية الصحية؛ بات واضحاً أن ما يجري في غزة ليس مجرد حرب، بل خطة منهجية تستهدف التدمير الكلي لبنية المجتمع، بما في ذلك وعيه وذاكرته وصوته.
وفي وجه هذه المجازر؛ تبقى الكلمة الحرّة وسيلة تعرية للاحتلال وحربه الهمجية، ودماء الصحفيين شاهداً لا يُمحى على جريمة العصر.