يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم دموية في إطار حرب إبادة دولية ممنهجة تستهدف الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، حيث قُتل اليوم الأحد 10 فلسطينيين، بينهم 5 أطفال، في سلسلة غارات شنّتها طائرات مسيّرة استهدفت خيام نازحين ودراجة هوائية في مدينة خان يونس جنوب القطاع.
ففي منطقة المواصي شمال غربي خان يونس، سقط أربعة قتلى بينهم طفلان إثر استهداف خيمة للنازحين. وفي قصف لاحق، قُتل أربعة آخرون، بينهم طفلان أيضًا، في خيمة مجاورة. كما قُتل طفل من عائلة “فحجان” في استهداف خيمة ثالثة، بينما أودى قصف دراجة هوائية بحياة شاب فلسطيني في نفس المنطقة.
وتزامن ذلك مع قصف مدفعي مكثف وعمليات إطلاق نار من آليات الاحتلال في بلدة عبسان الكبيرة شرقي خان يونس، وسط استمرار تدمير المباني السكنية بشكل ممنهج في الأحياء الشرقية لمدينة غزة، خاصة في حي التفاح، الذي يتعرض يوميًا لغارات جوية وقصف مدفعي متواصل.
ولا تقتصر الاعتداءات على استهداف المدنيين في مساكنهم أو ملاجئهم، بل طالت أيضًا المساجد، إذ تعرض أحدها في بلدة جباليا شمالي القطاع لقصف جوي أدى إلى إصابة مدنيين، في انتهاك مباشر لحماية دور العبادة وفق القانون الدولي الإنساني.
وتأتي هذه الهجمات ضمن نمط متكرر من الاستهداف المتعمد للمدنيين والبنى التحتية المدنية، في سياق عملية إبادة تخضع لتعريف المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تنص على أن “الإبادة الجماعية تعني أي فعل يُرتكب بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية”.
وتؤكد الوقائع الميدانية في غزة – من التدمير واسع النطاق، والاستهداف العشوائي للأطفال والنساء، والحرمان المتعمد من وسائل الحياة الأساسية – انطباق تعريف الإبادة الجماعية على ما يجري في القطاع.
ومنذ بدء حرب الإبادة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتل الاحتلال أكثر من 172 ألف قتيل وجريح، مع وجود أكثر من 11 ألف مفقود، وهي أرقام تشكل مجتمعة مؤشرًا صارخًا على طبيعة العدوان باعتباره جريمة إبادة جماعية متواصلة، تُنفذ على مرأى ومسمع من العالم، وبدعم مطلق من قوى دولية فاعلة، ما يرتقي بالجريمة من فعل منفرد إلى حرب إبادة دولية تشارك فيها أطراف بالصمت أو بالتواطؤ.
وتشكل هذه الجرائم كذلك خرقًا فاضحًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولاتفاقيات جنيف، وخاصة الاتفاقية الرابعة التي تحظر استهداف المدنيين وتهجيرهم قسرًا. كما تُعد الانتهاكات بحق الأطفال خرقًا للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تؤكد على الحماية الخاصة لهم في أوقات النزاع.
وأمام هذا الواقع، فإن استمرار الصمت الدولي أو التغطية السياسية لهذا العدوان لا يُعد فقط فشلاً أخلاقيًا وقانونيًا، بل يُسهم فعليًا في شرعنة الإبادة واستمرارها، وهو ما يُحمّل المجتمع الدولي، لا سيما الأطراف المتعاقدة في الاتفاقيات الدولية، مسؤولية قانونية وأخلاقية لوقف هذا المسار الإبادي وتقديم المسؤولين عنه للمساءلة الجنائية الدولية.