في تصعيد جديد لحرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة؛ أقدم الاحتلال الإسرائيلي على قتل خمسة صحفيين فلسطينيين خلال الأربع الـ24 الماضية.
ففي بلدة القرارة شرق خان يونس؛ عُثر على جثمان الصحفي عبد الرحمن توفيق العبادلة بعد يومين من فقدان الاتصال به، ليتبين أنه قُتل إثر قصف استهدف المنطقة التي كان يتواجد فيها.
وفي شمال القطاع؛ قُتل الصحفي عزيز الحجار مع زوجته وأطفاله في غارة جوية استهدفت منزلهم في حي بئر النعجة.
كما لقيت الإعلامية نور قنديل مصرعها إلى جانب زوجها الصحفي خالد أبو سيف وطفلتهما، بعد قصف منزلهم في دير البلح وسط القطاع.
وفي غرب خان يونس؛ قُتل الصحفي أحمد الزيناتي مع زوجته نور المدهون وطفليهما محمد وخالد، نتيجة قصف استهدف خيمتهم في مخيم سنابل قرب المستشفى الميداني الكويتي.
وبذلك يرتفع عدد القتلى من الصحفيين الفلسطينيين منذ بدء الحرب على غزة إلى 222 صحفيًا، في واحدة من أعنف موجات الاستهداف للصحافة في التاريخ المعاصر.
ويأتي هذا الرقم في سياق أوسع من سياسة استهداف منظمة وممنهجة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية في غزة، حيث تم تدمير عشرات المقرات الصحفية، إلى جانب تعطيل البث، وملاحقة الكوادر الصحفية الميدانية، وقطع الإنترنت والاتصالات في العديد من الفترات الحاسمة ميدانيًا.
ويُعد استهداف الصحفيين جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، وبخاصة المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، التي تنص صراحة على وجوب احترام وحماية الصحفيين المدنيين أثناء تغطيتهم للنزاعات.
كما أن القتل العمد للصحفيين دون مبرر عسكري مشروع، واستهدافهم ضمن عائلاتهم، يشكل انتهاكًا جسيمًا لالتزامات الاحتلال بموجب اتفاقيات جنيف، وقد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية إذا ما ثبت الطابع الواسع أو المنهجي لتلك الهجمات.
إن تكرار هذه الجرائم بحق الصحفيين الفلسطينيين، وتزامنها مع التعتيم الإعلامي المفروض على غزة، لا يمكن فصله عن نية واضحة في طمس الجرائم الجارية ومنع توثيقها، بما يمهّد للإفلات من العقاب.
كما أن صمت المجتمع الدولي وتراخي الهيئات الأممية ذات الصلة، يضع علامات استفهام كبيرة حول مصداقية منظومة الحماية الدولية للصحفيين في مناطق النزاع، ويشجّع الاحتلال على الاستمرار في ارتكاب جرائم القتل دون رادع.
إن مقتل أكثر من مئتي صحفي منذ بدء حرب الإبادة لا يُظهر فقط حجم الخطر الذي يتعرض له الجسم الإعلامي الفلسطيني، بل يعكس أيضًا عمق المحاولة المنهجية لقتل الحقيقة، وتجريد الضحايا من صوت يروي مأساتهم.
وفي ظل هذا الواقع؛ فإن حماية الصحفيين في غزة لم تعد مسألة مهنية أو أخلاقية فقط، بل قضية إنسانية وحقوقية جوهرية تمس حق الشعوب في المعرفة، وحق الضحايا في توثيق الجريمة والمطالبة بالعدالة.