شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء الثلاثاء وفجر الأربعاء سلسلة غارات مكثفة على مناطق متفرقة من قطاع غزة، أسفرت عن مقتل 68 فلسطينياً بينهم 25 طفلاً، وإصابة عشرات آخرين، في استهدافات طالت منازل مدنية ومراكز إيواء ومستشفى وسيارة مدنية.
وتوزعت الغارات في مختلف أنحاء القطاع، حيث استهدفت خيام نازحين في المواصي غربي خان يونس، ما أدى إلى مقتل 11 فلسطينياً بينهم 3 أطفال. كما قُتل 8 آخرون، بينهم 4 أطفال، في قصف على منزل لعائلة أبو دلال في مخيم النصيرات وسط القطاع.
وفي دير البلح والبريج؛ طالت الغارات مدارس ومراكز إيواء، لتضيف 15 قتيلاً جدد إلى حصيلة المجازر، بينما لم تسلم مدينة غزة من القصف، إذ طال القصف حيّ الزيتون وتل الهوى والشاطئ، مخلّفاً قتلى وجرحى من المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
وحتى المستشفيات لم تكن في مأمن؛ حيث استُهدفت محيطات مجمع الشفاء والمستشفى المعمداني بصواريخ الطائرات المسيّرة، ما شكّل تهديداً مباشراً لحياة المرضى والطاقم الطبي، في مخالفة صريحة لاتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المرافق الطبية.
ويمثل هذا العدوان الهمجي جريمة حرب مكتملة الأركان، إذ إن القصف استهدف مناطق مدنية مكتظة، دون تمييز بين مقاتل ومدني، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً لمبدأ التمييز ومبدأ التناسب المنصوص عليهما في القانون الدولي الإنساني.
كما أن استهداف النازحين داخل مدارس ومخيمات ومراكز إيواء، يمثل خرقاً واضحاً للمادة (3) المشتركة في اتفاقيات جنيف، التي تحظر “الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية للمدنيين”، وتحظر “المعاملة القاسية أو اللاإنسانية” ضد السكان المحميين.
ويأتي هذا التصعيد في ظل غياب أي مساءلة فعلية على الجرائم السابقة التي ارتكبها الاحتلال خلال الحرب الممتدة منذ أكتوبر 2023، والتي خلّفت أكثر من 68 ألف قتيل و170 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء.
ويبدو أن استمرار الدعم السياسي والعسكري الذي يحظى به الاحتلال من بعض القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، قد وفّر له غطاءً سياسياً واسعاً للإفلات من أي عقاب دولي، ما يشجع على تكرار الانتهاكات دون خوف من المحاسبة، الأمر الذي يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي حقيقي تجاه دماء المدنيين التي يريقها الاحتلال على أرض قطاع غزة.

























